يخصص برنامج "غرفة الذعر" على شاشة القناة الثالثة البريطانية وقته كاملاً لعلاج "فوبيا" المشتركين. ويوضح مع كل حلقة مفهوم "الفوبيا"، ويعرفها تعريفًا موجزًا وحاسمًا بأنها"الخوف غير المنطقي وغير العقلاني من بعض الأشياء او الحيوانات الذي يصيب بعض الناس ويترك أثراً كبيراً في حياتهم وحياة الناس القريبين منهم". هذا الخوف يتعدى - كما يقول البرنامج - غالباً رؤية"الشيء"موضوع الفوبيا، بل يتسع ليشمل ارتباك الشخص وعجزه عن امتلاك حياة طبيعية بسبب الخوف المستمر والهواجس والكوابيس المخيفة من مصادفة ذات لحظة موضوع الفوبيا. وفي هذا الإطار، وللتأكيد على أهمية البرنامج وايجاد شرعية لوجوده، تبدأ كل حلقة من حلقات"غرفة الذعر"بمقابلات مع المشتركين في البرنامج وحديث عن الأثر الذي أحدثته الفوبيا في حياتهم وحياة أسرهم. وهكذا، مثلاً، في إحدى الحلقات الأولى تسلط الكاميرا الضوء على سيدة يمنعها الخوف من القطط من الخروج الى الشارع. مشترك آخر يصاب بأوجاع المعدة كل مرة يشاهد او يشم الأسماك... ويقسم البرنامج وقته الذي يقارب الساعة التلفزيونية الكاملة، بين مشتركين اثنين يخضعان لعلاج مكثف على يد اختصاصيين نفسانيين ولفترة ثلاثة ايام بهدف التخلص من الخوف المرضي لديهم. أما العلاج فإنه ينقسم الى جلسات علاج نفسي مع تجارب في غرفة"الذعر"حيث يواجه المشتركون عن قرب، وبإثارة عالية الأشياء التي ترعبهم وتفسد حياتهم. حتى الآن واضح ان البرنامج يحقق نتائج مهمة في مساعدة المشتركين في التخلص من خوفهم المرضي هذا، بتحليله والبحث الحقيقي عن مسببباته والتي ترجع غالباً إلى ذكريات الطفولة، أو حوادث سابقة او أشياء غير مفهومة تماماً. واللافت هنا ان ال"بي بي سي"البريطانية تخصص وقتاً طويلاً نسبياً لهذا البرنامج وحلقاته، مقارنة ببرامج أخرى طول البرنامح التلفزيوني لا يتعدى عادة نصف ساعة على هذه المحطة. حتى ان الحلقات تتشابه كثيراً على رغم اختلاف المشتركين ومواضيع الخوف. فالبناء الفني نفسه والنتائج تكاد تكون واحدة في الحلقات الست المعروضة والتي كان يمكن اختزالها الى ساعة. غير ان ثمة من يقول الآن ان البرنامج الذي أراد ان يحلل الخوف المرضي عند بعضهم، صنع هو نفسه شكلاً مخيفاً من الذعر الخاص به، من خلال غرفة الذعر وتصميمها الحديث- المستقبلي الداكن، كأن المشتركين المرعوبين اصلاً، يحتاجون الى سبب إضافي للخوف. وكان يمكن على أي حال الاكتفاء بديكور عادي وجلسات علاج طبيعية، في أجواء الحياة اليومية بدل هذا الشكل المخيف الذي يسم غرفة العلاج، التي يقدمها البرنامج في رغبة واضحة في ابتكار شكل تلفزيوني مثير وإصراره على تحويل موضوع الفوبيا الى برنامج يختلط فيه اسلوب برامج تلفزيون الواقع مع تكنولوجيا وشكل القرن الحادي والعشرين وأساليب الحركة فيه. وإذا كان يمكن إنهاء هذا الكلام بلفتة خاصة، لا بد من القول ان البرنامج والاختصاصيين النفسيين فيه تعرضوا لكل انواع الفوبيا ولكن سها عن بالهم في الوقت ذاته ما للتلفزيون من تأثير في الفوبيا التي تصيب الناس، وهو ما يؤكده بعض الدراسات النفسية الحديثة. ذلك أن محطات التلفزيون التي تنقل وتتلاعب بملايين الصور تركز بعض حالات الخوف المرضية في مشاهدين. صحيح ان التلفزيون هنا لم يتحول الى فوبيا بل لعب فقط دور الناقل لها، لكن من يعلم قد يأتي قريباً اليوم الذي يوضع التلفزيون نفسه في غرفة"رعب"البرنامج. وعندها لن يكون العلاج بسيطاً إطفاء جهاز التلفزيون، بل أعقد وأصعب ربما.