يؤكد الفريق الإنتاجي الذي يقف خلف برنامج «الغرفة الحمراء» الذي بدأت عروضه مع بداية هذا العام على القناة الهولندية الرسمية الثانية، أن هناك اختصاصياً نفسياً يشرف على تركيبة البرنامج والأسئلة والتعاطي مع المشتركين. التأكيدات هذه تأتي بعد مجموعة الانتقادات الكثيرة (وصل بعضها الى حد القسوة) للبرنامج، والتي بدأت مع بداية كانون الأول (ديسمبر) الماضي، أي مع بدء الحملات الإعلانية للبرنامج. بعض الانتقادات جاءت من أطباء نفسيين، وجدوا أن البرنامج تعامل بخفة كبيرة مع عملهم. فيما حذرت انتقادات أخرى من «أمركة» برامج التلفزيون الهولندي، وانتقدت أن يتورط برنامج قناة حكومية في مواضيع شائكة، كتلك التي يقدمها البرنامج. تتلخص فكرة البرنامج، بوضع مشترك يعاني من مشاكل نفسية، بعضها شديد الجدية والخطورة، في غرفة تلفزيونية خاصة، اُطلق عليها «الغرفة الحمراء». لا تشبه الغرفة التلفزيونية غرفاً أخرى. فالجدران هي شاشات تلفزيونية، والغرفة بلا سقف. يترك البرنامج المشترك في هذه الغرفة الخاصة، وحيداً لمواجهة كوابيسه الخاصة. والغرفة المجهزة بكاميرات وأجهزة صوت، فارغة تماماً، إلا من كرسي، يجلس عليه المشترك، ليبدأ ساعة رعب حقيقية. لا يصرح البرنامج عن خلفياته العلمية أو مرجعياته في التوصل الى هذا الشكل المبتكر للمعالجة. فهو يرجع مع المشتركين الى طفولتهم، من خلال الصور القديمة أو أفلام الفيديو المنزلية، والتي تظهر على تلك الشاشات. يقدم مثلاً صور والدي المشتركة الشابة الأولى في البرنامج، التي دفعتها وفاتهما المفاجأة الى كآبة خطرة، وخوف من الارتباط بالآخرين، خوفاً من فقدانهم. يجبر البرنامج المشتركة على استعادة ذاكرتها. يُشغّل في الغرفة الموسيقى المفضلة للأب، والمسلسل التلفزيوني الأثير لدى الأم، ثم يقرأ لها من قصص الطفولة التي اعتاد والداها تلاوتها. تهطل دموع المشتركة، ويسألها الصوت الآتي من خارج الغرفة، إذا كانت ترغب في التوقف وترك الغرفة. ترد المشتركة بأنها ترغب في الاستمرار الى النهاية، ليستمر الصوت الذكوري القوي في طرح الأسئلة عن حياتها. بعد هذه الجولة، تقف مقدمة البرنامج بانتظار المشترك عند خروجه من غرفة الرعب التلفزيونية، لتبدأ طرح الأسئلة. يُجمع المشتركون في الحلقات على أن التجربة كانت قاسية كثيراً، وأن عليهم أن ينتظروا بعض الوقت لمعرفة نتائجها. بعض المشتركين ظهروا في برنامج ولقاءات صحافية، وقالوا إن هناك بعض التغيير أصاب حياتهم بعد البرنامج (صورت حلقاته في نهاية تشرين الثاني /نوفمبر الماضي) وإنهم سعداء بالتجربة. وعلى رغم هذه الاعترافات لم يسلم البرنامج من الانتقادات. فإذا كانت «أوبرا وينفري» و «الدكتور فيل»، عبدا الطريق لبرامج المكاشفات التلفزيونية، في الولاياتالمتحدة، ليس من المستعبد أن تكون برامج مثل «الغرفة الحمراء»، بداية لاتجاه جديد في تقديم قصص الناس وتجاربهم المؤلمة، بعيداً من الجمهور في الاستديو أو فرق التصوير الكبيرة بمعداتها المعقدة، والتي تقف غالباً في طريق مصارحات تلفزيونية مؤثرة.