تجددت الاشتباكات الدامية امس لليوم الثالث على التوالي بين مسلحين من "القوة التنفيذية" و"كتائب القسام" التابعة لحركة "حماس" وبين آخرين من الاجهزة الامنية وحركة"فتح". وقتل اربعة فلسطينيين ليل السبت - الاحد في حادثتين منفصلتين، ما يرفع عدد قتلى الاشتباكات والمواجهات الدامية، وهي الاعنف منذ العام 1994، الى 25 قتيلا واكثر من 60 جريحاً، بينهم عدد في حال الخطر. ودارت اشتباكات مسلحة عنيفة، خصوصا في حي تل الهواء جنوب غربي مدينة غزة، هي الاسوأ منذ بدء موجة العنف الاخيرة مساء الخميس الماضي. واستمرت الاشتباكات التي بدأت مع حلول الظلام، طوال ليل السبت - الاحد في شكل أثار الرعب في قلوب سكان الحي الذي يضم المقر الرئيس للامن الوقائي ومنزل المدير العام للامن الداخلي العميد رشيد ابو شباك فتح ومنزل وزير الخارجية الدكتور محمود الزهار حماس ومنزل مدير الامن الوقائي العميد يوسف عيسى والنائب ماجد أبو شمالة فتح ومقر وزارة الداخلية. كما يقع في الحي مجمع الوزارات، والى الغرب منه منزل الرئيس محمود عباس ومكتبه الذي تحولت المنطقة المحيطة به الى ثكنة عسكرية ينتشر فيها عشرات افراد حرس الرئاسة، وامن الرئاسة"القوة 17"المدعومين بالعربات والسيارات العسكرية والاسلحة. وقالت مصادر طبية ان طفلا فلسطينيا في الحادية عشرة قتل مع شاب في التاسعة عشرة في عمليتي قتل. واضافت مصادر حقوقية ان مسلحا قتل الطفل، فأطلق ذووه النار عليه فأردوه، فيما قتل ناشطان من"حماس"في انفجار عبوة ناسفة كانا يعدانها او يزرعانها في منطقة يقع فيها المقر الرئيس لجهاز المخابرات العامة التابعة لعباس. وفجر مسلحون مجهولون يعتقد انهم من حركة"حماس"عبوة ناسفة في باب منزل كبير مرافقي رجل"فتح"القوي محمد دحلان، وهو سليم الشيخ خليل المعروف باسم"أبو خالد الشنب"الذي يلازم دحلان كظله، ما اسفر عن الحاق اضرار كبيرة في الطبقة الارضية من المنزل. وحمل الانفجار رسالة الى دحلان بأن اضرارا كبيرة اخذت تقترب منه رويدا رويدا. وفي السابق جرت عمليات قتل لاتباع دحلان، ووصل الامر الى قتل ابن شقيقه، لكن مثل هذه العمليات لم تصل الى أي من مرافقيه الشخصيين الذين يرافقونه في تنقلاته الداخلية، وهم بالعشرات. وجاء الانفجار في منزل الشيخ خليل في ظل اشتباكات عنيفة جداً وقعت طوال ليل السبت - الاحد اطلق خلالها مسلحون من"حماس"النار وقذائف"ار بي جى"على مقر الامن الوقائي على خلفية اتهام الحركة لمسلحين من الجهاز بقتل احد اهم كوادر الحركة في حي تل الهواء زهير المنسي مساء الجمعة. وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة"ان مجموعات من"كتائب القسام"حاولت اقتحام مقر الامن الوقائي بعدما ظلت تدكه بقذائف"آر بي جى"طوال الليل من دون جدوى بسبب التحصينات التي اتخذتها عناصر الامن الوقائي التي قال شهود انها حملت قاذفات واسلحة بدت جديدة. واغلقت عناصر من الحرس الرئاسي الشوارع في محيط منزل الرئيس عباس ومكتبه لليوم الثالث على التوالي ووضعت حواجز وسواتر ترابية ومنعت السيارات من التنقل، فيما اغلقت عناصر من الامن الوطني ايضا بالاسلاك الشائكة والحجارة والكتل الاسمنتية الشوارع المحيطة بالمقر الرئيس لقادة الاجهزة الامنية"السرايا". واغلق مسلحون ومرافقون لدحلان المنطقة المحيطة بمنزله القريب من"السرايا"في حي الرمال وسط مدينة غزة. كما نزل عشرات من رجال الامن شارع عمر المختار التجاري الرئيس في المقطع الواقع في حي الرمال واغلقوا الشوارع الفرعية احتجاجا على عدم تسلمهم رواتبهم امس. وهاجم عدد من المسلحين مقر الفرع الرئيس لبنك فلسطين المحدود من دون وقوع اضرار او اصابات، فيما قالت مصادر ان البنك يعمل على دفع رواتب لهم واجراء الاتصالات اللازمة بذلك. وكانت وزارة المال والرئاسة الفلسطينية اعلنتا اول من امس الشروع في دفع راتب كانون الاول ديسمبر الماضي لجميع الموظفين المدنيين، ما عدا موظفي الصحة والتعليم والقضاء، فيما سيحصل العسكريون على نصف راتب كانون الاول الماضي. ويبلغ عدد موظفي السلطة العموميين 165 الفا، 180 الفا منهم عسكريون. الى ذلك، قالت مصادر من"حماس"مساء امس ان مسلحين من"فتح"خطفوا ناشطين من الحركة، من دون اعطاء مزيد من التفاصيل. وكانت"الجبهة الشعبية"اعلنت ليل السبت - الاحد انها نجحت في اقناع"فتح"بإخلاء سبيل عدد من ناشطي"حماس"كانت خطفتهم. لكن التطور الابرز بعد ظهر امس، برز في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية حيث خطف مسلحون من"فتح"عددا من قيادات"حماس"في المدينة، في خطوة تهدف الى نقل الاحداث الى الضفة التي تتمتع بها"فتح"بقوة لافتة، في حين تبدو"حماس"ضعيفة جدا. واعلنت"كتائب شهداء الاقصى - مجموعات الشهيد أبو شرار"التابعة ل"فتح"مسؤوليتها عن خطف خمسة من موظفي وزارة التربية والتعليم العالي في نابلس. لكنها اطلقت اربعة منهم على دفعتين وابقت سامر بروزة مرافق نائب رئيس الوزراء وزير التربية والتعليم العالي الدكتور ناصر الدين الشاعر قيد الاحتجاز. وقالت مديرية التربية في المدينة ان المسلحين احرقوا الطبقة الثانية من مبنى المديرية. وخطف مسلحون من"فتح"عضو مجلس بلدي نابلس عن"حماس"الشيخ فياض الاغبر، كما خطفوا ناشطين من"حماس"في مخيم عسكر قرب نابلس، واصابوا برصاصهم احد اقارب المختطفين عندما حاول منعهم من خطفه. وفشل مسلحون من"فتح"في خطف رئيس جمعية التضامن الدولي لحقوق الانسان المحامي فارس ابو الحسن في قرية روجيب قرب نابلس، كما فشل مسلحون آخرون من"فتح"في اصابة احد ناشطي حماس"عندما اطلقوا النار عليه في نابلس. مجلس التعاون الخليجي وفي الرياض، دعا مجلس التعاون الخليجي في بيان امس الفلسطينيين الى الحوار لتعزيز التوافق الوطني، معبراً عن أسفه للمواجهات المسلحة الدامية الجديدة بين حركتي"فتح"و"حماس"في قطاع غزة. وأعرب الامين العام للمجلس عبدالرحمن بن حمد العطية"عن أسفه الشديد لتدهور الاوضاع الامنية التي تشهدها الساحة الفلسطينية بسبب الاقتتال بين الاشقاء الفلسطينيين"، مؤكدا ان"اراقة الدم الفلسطيني تشكل خطاً احمر يجب عدم تجاوزه". ودعا العطية في تصريح جميع القوى الوطنية الفلسطينية الى"الاحتكام الى لغة الحوار وتحكيم العقل والاحتفاظ بالمكاسب التي حققها الشعب الفلسطيني طيلة سنواته من نضاله المشروع".