في ظل تكتم بريطاني شديد على مجرى التحقيقات في المؤامرة المزعومة لتفجير ما يصل إلى 10 طائرات أميركية إنطلاقاً من مطارات بريطانية والتي أوقف فيها 24 شخصاً معظمهم من أصول باكستانية، بدا أن المحققين البريطانيين متفائلون بأنهم أحبطوا فعلاً مؤامرة تتجاوز في حجمها هجمات 11 أيلول سبتمبر 2001 والتي استخدم فيها تنظيم"القاعدة"أربع طائرات مخطوفة فقط. وأوردت أكثر من وسيلة إعلامية بريطانية وأميركية أن المحققين اكتشفوا شريطين يتحدث في أحدهما"انتحاري"عن العملية التي يستعد لتنفيذها، وصادروا مواد يمكن أن تدخل في صناعة سائل متفجر. كذلك صادر المحققون أجهزة كمبيوتر من محلات انترنت للعموم في ثلاثة مواقع خارج لندن. لكن أكثر ما لفت الانتباه هو أن روايات عديدة أكدت أن أجهزة الاستخبارات البريطانية كانت تعرف بالتفصيل بما تُخطط له المجموعة ليس فقط بناء على مراقبة أفرادها والتنصّت عليهم منذ كانون الأول ديسمبر 2005، بل بناء على معلومات كان يقدّمها"عميل"كان مزروعاً داخل الخلية التي تضم من بين أفرادها ثلاثة تحوّلوا إلى الإسلام. وأفرجت السلطات عن شخص من بين ال 24 من دون أن توجّه له أي تهمة، في حين أُرجئ النظر في طلب الإفراج عن موقوف ثان حتى بداية الأسبوع. ونالت الشرطة إذناً بتمديد فترة اعتقال بقية الموقوفين حتى الأربعاء. وأفادت وكالة"فرانس برس"أمس أن أحد البريطانيين المعتقلين في باكستان في إطار المؤامرة الإرهابية التي كشفتها بريطانيا، الخميس، قدم تفاصيل أساسية خلال استجوابه. وقالت مصادر قريبة من التحقيق أن رشيد رؤوف اعتُقل في 4 اب اغسطس في مدينة بهاولبور وسط بعدما كان يخضع للمراقبة منذ فترة و"خلال استجوابه انهار وقدم لهم للمحققين معلومات نعتقد انها لم تكن بحوزة السلطات الأميركية والبريطانية وكانت متعلقة بخطة تفجير طائرات". وأكدت المصادر التي رفضت كشف هويتها:"عندما انتهوا من استجوابه بعد ثلاثة أو أربعة أيام، تشاوروا مع السلطات البريطانية حول هذه المعلومات". ومعلوم أن وزارة الداخلية البريطانية رفضت تأكيد معلومات مفادها أن اعتقال ال 24 جاء بعد رصد رسالة تُبلغ أفراد الخلية في بريطانيا باعتقال رشيد رؤوف. والطيب رؤوف 22 سنة، وهو أحد الموقوفين ال 24 في برمنغهام، وسط انكلترا، مرتبط بصلة قرابة برشيد رؤوف الذي وصفته السلطات الباكستانية بأنه"شخصية محورية"في مؤامرة تفجير الطائرات ومرتبط بتنظيم"القاعدة في أفغانستان". وفي كروفورد تكساس، أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش، أمس، أن"حزب الله"اللبناني و"الإرهابيين"الذين أعدوا خطة تفجير الطائرات خلال رحلات من بريطانيا إلى الولاياتالمتحدة، يمثلون"عقيدة استبدادية". وأكد في كلمته الإذاعية الأسبوعية التي سجلت في كروفورد حيث يمضي عطلته الصيفية، أن كشف الشرطة البريطانية المؤامرة"يشكل التذكير المثالي بأن الإرهابيين ما زالوا يعدون هجمات لقتل مواطنينا". وزاد:"بفضل الإجراءات التي اتخذناها لحماية الشعب الأميركي باتت أمتنا تنعم بأمان أكبر مما كان قبل 11 أيلول سبتمبر 2001". وحذر بوش من أن الولاياتالمتحدة تواجه"عدواً جديداً"أكثر"تطوراً"من منفذي اعتداءات 11 أيلول. وفي إشارة إلى اتهام الديموقراطيين أول من أمس نائبه ديك تشيني بمحاولة استغلال الاعتقالات في بريطانيا لمصلحة الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس المقررة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، قال بوش:"يوجد خلاف مشروع على وسائل مكافحة الإرهابيين، ولكن يجب ألا نختلف على المخاطر التي نواجهها".