انشغلت بريطانيا، أمس، بدرس"وصية"محمد الصديق خان 30 عاماً، الزعيم المفترض لمنفذي التفجيرات التي استهدفت لندن يوم 7 تموز يوليو الماضي وأوقعت 56 قتيلاً ومئات الجرحى. وفي حين اكتفت الشرطة بالقول انها على علم بالشريط الذي بثته قناة"الجزيرة"القطرية، مساء الخميس، والذي ظهر فيه أيضاً الرجل الثاني في تنظيم"القاعدة"الدكتور أيمن الظواهري معلناً"نقل المعركة الى أراضي العدو"، بدا ان أجهزة الأمن باتت مقتنعة الآن بارتباط المهاجمين الأربعة بتنظيم أسامة بن لادن، وتحديداً بخلية من خلاياه في باكستان، بعدما راج في الأسابيع الماضية ان التحقيقات ترجح فرضية عدم وجود دور خارجي في الهجمات. ويُعتقد ان أنظار المحققين تركّز الآن على باكستان، وتحديداً على كراتشي، لمعرفة أفراد الخلية التي رتبت للهجمات ووزعوا"وصية"صديق خان. وكان المحققون يعتقدون في البداية ان الرجل الثالث في"القاعدة"أبو فرج الليبي الذي اعتُقل قبل شهور في باكستان، كان يُحضّر لتفجيرات في بريطانيا ويُجهّز خلايا للقيام بذلك. لكن لا يبدو ان التحقيقات معه كشفت ما يمنع وقوع الهجمات. ويعود ذلك الى ان الخلية التي قامت بالتفجيرات ربما ليست مرتبطة به مباشرة بل بقيادي آخر في"القاعدة"، وربما لأن صديق خان كان بات جاهزاً للقيام بما كان ينوي القيام به قبل اعتقال أبو فرج، ولم يعد بالتالي في حاجة الى"ضوء أخضر"منه لتنفيذ الهجمات. وما يُعزز هذا الاحتمال الأخير ان"وصية"صديق خان سُجّلت في باكستان، كما يبدو، قبل شهور وربما سنة، أي قبل اعتقال أبو الفرج، وانه تركها مع خلية ل"القاعدة"هناك لتوزيعها عند تنفيذه مهمته. ولم تؤد جهود السلطات الباكستانية، بعد حصول تفجيرات لندن، الى كشف خلية"القاعدة"التي عمل معها خان ورفاقه، على رغم ان البريطانيين زودوا الباكستانيين بأرقام هواتف اتصل بها المفجرون الأربعة. والظاهر ان معظم تلك الأرقام كانت لهواتف عمومية يمكن ان يستخدمها كثيرون. وتخشى السلطات البريطانية الآن ان تستخدم"القاعدة"والجماعات المؤيدة لها"وصية"صديق خان أداة لجذب مزيد من المتطوعين، علماً ان أجهزة الأمن تعرف ان جماعات متشددة تنشط في بريطانيا استخدمت"وصايا انتحاريين"لجذب مزيد من المناصرين ل"الجهاد". ويُعتقد ان ما يُقلق الأمن البريطاني أكثر من غيره هو ان خان كان يتحدث في"وصيته"باللهجة المحلية لمنطقة ديودسبري في يوركشاير شمال انكلترا، وبالتالي فإن تأثيرها يمكن ان يكون أكبر في أوساط البريطانيين من أصول آسيوية مما لو كانت باللغة العربية. وقال خان في وصيته انه"جندي في الحرب"على الدول الغربية التي تخوض - في نظره - حرباً على العالم الإسلامي. ودان المسلمون المعتدلون في بريطانيا وعلى رأسهم"المجلس الإسلامي"كلامه واعتبروه غير مقبول ومسيئاً. كذلك دان وزير الخارجية جاك سترو الوصية، وقال ان"لا شيء يبرر الإرهاب". وعلى رغم ان الوصية ظهرت في شريط واحد مع كلمة للدكتور الظواهري تبنى فيها هجمات لندن وتوعد بمزيد منها، فإن شريط"القاعدة"لم يقدم أي معلومات عن موجة التفجيرات الثانية التي نجت منها العاصمة البريطانية في 23 تموز يوليو الماضي والتي قام بها خمسة أشخاص حاولوا تفجير قنابل في محطات مترو وباص. ولم يتحدث الشريط إطلاقاً عن هذه الموجة الثانية من التفجيرات، ولا عن ارتباط منفذيها المفترضين تعود أصولهم الى شرق افريقيا ب"القاعدة".