أمهل المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام حكومة الرئيس فؤاد السنيورة حتى جلسة مجلس الوزراء المقررة غداً للاستجابة الى"أنين الناس وصراخهم وايجاد الحل الملائم بخفض سعر صفيحة المازوت". محذراً من اللجوء"الى التظاهر في الشارع". وطالب الاتحاد بخفض سعر صفيحة المازوت الى 12 ألف ليرة، مشيراً الى ان لقاء قيادته مع رئيس مجلس الوزراء ليل اول من أمس،"لم يؤد الى اتفاق على هذا الموضوع، وطلب رئيس الحكومة عرضه على مجلس الوزراء في جلسة الخميس وقرر المجلس التنفيذي إبقاء جلساته مفتوحة وفوض هيئة المكتب تحديد موعد المؤتمر النقابي الوطني لوضع خطة تحرك شاملة للاعتصام والتظاهر والإضراب وكل التحركات الديموقراطية السلمية المشروعة". وكان المجلس اجتمع امس، برئاسة رئيس الاتحاد غسان غصن وأكد"وللمرة الألف أن لقمة العيش لا تنتمي إلى حزب أو طائفة أو منطقة، والهم المعيشي والأعباء الاجتماعية قضية وطنية لها الأولوية"، مذكراً بأنه كان رفع"الصوت منذ مطلع الصيف الماضي وحذر من نزول ذوي الدخل المحدود والعاطلين من العمل والعمال المجمدة أجورهم منذ عام 1996 إلى الشارع، ولكن الحكومة لم تبال وتركت الأزمة تتفاعل". ورأى الاتحاد أن السعر الحالي لصفيحة المازوت"يفوق طاقة الشريحة الأكبر من الشعب اللبناني". وأعلن رفضه"أي زيادة على ضريبة المشتريات T.V.A"وأي ضريبة غير مباشرة على"السلع"، وطالب بپ"إعادة النظر بالنظام الضريبي"، وحذر في الوقت نفسه"من التلاعب بوزن أو سعر ربطة الخبز". ورأى"ان نصائح صندوق النقد والبنك الدوليين الداعية إلى تخصيص القطاعات الخدماتية يرفضها الاتحاد العمالي العام، وسيبقى ضد سياسة التخصيص". ودعا الحكومة إلى وضع برنامج إصلاح شامل يرتكز الى رفع يد السياسيين عن الإدارات وتعزيز سلطات الرقابة. وكانت الاتصالات بين السنيورة وقياديين في"حزب الله"وحركة"أمل"قطعت شوطاً على طريق استيعاب الازمة الناجمة عن مطالبة البقاعيين بخفض سعر صفيحة المازوت من خلال ادراجها على جلسة مجلس الوزراء غداً بغية توفير الحل على قاعدة استعداد الحكومة لدعم هذه المادة من المشتقات النفطية. وأوعز السنيورة الى وزير الطاقة محمد فنيش باعداد مشروع القانون الذي يجيز للحكومة خفض سعر المازوت مما يرتب عليها اعباء مالية تصل الى حدود 100 بليون ليرة وذلك من اجل مناقشته واقرره تمهيداً لاحالته الى المجلس النيابي. ويأتي التوافق على ايجاد حل لأزمة المازوت مقروناً بترك الامر لرئيس الحكومة في ايجاد المخرج اللائق للقرار الذي كان اتخذه مجلس الوزراء في جلسته السابقة وبغياب الوزراء الشيعة والرامي الى وضع المدير العام للاقتصاد فادي مكي بالتصرف. وتزامن تحرك السنيورة باتجاه الحزب والحركة بهدف ضبط ايقاع الشارع وقطع الطريق على استغلال تحركه احتجاجاً على الضائقة المعيشية وتوظيفه لاغراض سياسية تتجاوز الحركة النقابية والمطلبية الى اهداف ذات الصلة الوثيقة بالتأزم الحاصل على صعيد العلاقات اللبنانية - السورية، مع مبادرة الثنائية الشيعية الى الانفتاح على الاتحاد العمالي العام والنقابات الاخرى التي اخذت تتوعد بالتحرك استعداداً للدعوة الى اضراب عام للتعبير عن ما آل اليه الوضع المعيشي من ترد. وفي هذا السياق علمت"الحياة"ان مسؤولين اساسيين في التحالف الشيعي استمروا امس بالتواصل مع قيادة الاتحاد العمالي في محاولة لثنيها عن قرارها بالتصعيد والتريث لبعض الوقت الى حين معرفة ما سيصدر عن مجلس الوزراء من قرارات تتعلق بتسوية الاوضاع المعيشية. وزار أمس وفد من الاتحاد العمالي برئاسة غصن متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده. واعتبر غصن ان"الجوع يهدد الشعب مع برد الشتاء واسعار المحروقات لا سيما المازوت الذي وصل سعره الى حدود العشرين الف ليرة لبنانية"، مشيراً الى ان الاتحاد"يجول في اتجاه المسؤولين والقيادات الروحية للمطالبة بالوقوف الى جانب الاتحاد في مطالبه المحقة". وكان اتحاد نقابات المخابز والافران في لبنان عقد جلسة طارئة وقوّم نتائج الاجتماعات التي عقدها مع السنيورة ووزير الاقتصاد سامي حداد والنائبة بهية الحريري، واعلن المجتمعون"وقف الحوار الذي بدأ قبل شهرين مع المسؤولين، وتحميلهم مسؤولية تعطيل الحوار وافشاله، بعدما تنصلوا من كل الوعود التي قطعوها للاتحاد". كما اعلنوا"الالتزام بتوصية الجمعيات العمومية لنقابات اصحاب المخابز والافران لجهة منح الاتحاد حق اتخاذ القرار الذي يلبي مطالب القطاع وذلك في الوقت المناسب"، متمنين"ان يتفهم المواطن اي قرار قد يلجأ الاتحاد الى اعتماده". انتقادات لحديث"تشرين" سجلت امس، ردود سياسية مباشرة وغير مباشرة على ما اوردته صحيفة"تشرين"السورية عن تظاهرات غد الخميس في لبنان لاسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. وقالت النائبة بهية الحريري:"اننا نشهد اليوم نوعاً من التوجه لاستخدام الموضوع المطلبي لتحريك الشارع، ولكن علينا أن ننتبه الى أمر مهم وهو أن الذي يفلت الشارع قد لا يستطيع أن يضبطه في ما بعد. لذلك يجب اعادة الأمور الى طاولة الحوار والبحث، والتفاهم على كل القضايا والتقاطع في مساحة مشتركة حول مصلحة البلد، فلا يجوز أن نهدد استقرارنا بأي انقسام". ورأت"ان الاستقرار في لبنان اليوم على المحك، وان معالجة كثير من الملفات تحتاج الى تماسك داخلي وليس تنافراً داخلياً، وصحيح ان الوضع الذي نمر به صعب اقتصادياً، والجانب الاقتصادي أمر مهم ، لكن الجانب السياسي من هذا الوضع أهم، واذا تم التوافق على الموضوع السياسي فان كل الأمور الأخرى تأتي بعده تلقائياً". وقالت:"مهما اختلفنا في الرأي يجب ألا نختلف على البلد وعلى الثوابت والمسلمات، فليس لأحد مصلحة سوى في وحدة البلد، ونحن لن نترك أي باب يوصل الى التفاهم الا وسنطرقه". وذكرت النائبة الحريري بآخر ما قاله الرئيس الحريري يوم استشهاده في حديثه لجريدة السفير:"أنا قومي عربي منذ عشرات السنين ولن ألجأ الى تغيير قناعاتي... والأكيد أنني لست بحاجة الى شهادة من أحد في هذا المجال ولست أنا من يسأل عن خياراته عندما أبادر مقتنعاً الى حفظ مقعد نيابي للمقاومة في بيروت...". وقالت:"ليس لأحد الحق في أن يجري لنا امتحانات في الوطنية والقومية والعروبة والمسلمات، فتكويننا قومي وعربي ولا لبس في هويتنا، ولا أحد يستطيع أن يزايد علينا ويقول إننا ننتظر الاملاءات الخارجية". واعتبر النائب روبير غانم بعد لقائه رئيس الهيئة التنفيذية ل"القوات اللبنانية"سمير جعجع في مقر إقامته في الارز رداً على ما كتبته صحيفة"تشرين"السورية:"ان ما سمعناه وما يجرى على الارض يوحي بوجود تنسيق في هذا الموضوع، لكن أملي كبير بوعي اللبنانيين وخصوصاً"حزب الله"وحركة"أمل". فعندما ينجح الوطن ننجح جميعاً وعندما يخسر الوطن نخسر جميعاً". ورد الحزب التقدمي الاشتراكي"على نصائح"تشرين"العاطفية مرة جديدة والتي عبرت فيها عن حرصها على الطبقات الكادحة في لبنان، ولعل ذلك يقودنا الى توجيه السؤال لبعض المسؤولين السوريين عن ملف"بنك المدينة"الذي قدرت الاموال المسحوبة منه بنحو بليون دولار اي ما يوازي دعم المازوت بكلفة 100 بليون ليرة بحسب تقديرات الحكومة اللبنانية لنحو عشر سنوات". وقال الحزب في بيان له:"لعل هذا التجييش يصب في خانة إلهاء الرأي العام عن التحقيق الذي بلغ مرحلة متقدمة من الوضوح، ما يحتم التعاون السوري مع القرار 1636 وعدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية". الى ذلك، وجدت في مدينة صيدا بيانات أمام المنازل وفي الشوارع والجامعات والمدارس، تحمل رسالة الى الرئيس السوري بشار الاسد من دون توقيع. ومما جاء فيها:"اتحفتنا بخطاب كنا ننتظره خطاباً يؤازر اللبنانيين بالفاجعة التي حلت بهم، واذا به خطاب تهجم وافتراء وقدح وذم بشرفاء هذه الامة، حتى باتت الضحية جلاداً". وسأل: أين انتم من الجولان المحتل الذي لم يطلق منه رصاصة واحدة منذ عام 1972؟ طالبتم بالتحقيق في اغتيال الرئيس ياسر عرفات، فهل نسيتم ماذا فعلتم بالرئيس عرفات وبالقضية الفلسطينية؟ كيف تفهمون العروبة؟ هل العروبة باغلاق الحدود؟ لن ننسى الرصيف المفتوح في مرفأ بيروت ولن ننسى الصندوق الاسود في كازينو لبنان ولا ملف"بنك المدينة"وملف الخلوي وملف الكهرباء. ان اسرائيل هي العدو وأميركا الداعم لها، فلك ايها الشعب السوري الشقيق نقول لن تفرق بيننا الخطابات المضللة للواقع والحقيقة". وسأل رئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون:"ما هو دور الشارع بالتحديد؟ وقال:"بتنا لا نفهم ماذا يحصل، فالذين يحاولون تحريك الشارع لاسقاط الحكومة، تحت ستار المطالب المعيشية، هم انفسهم الذين يرفضون تحريكه لاسقاط رئيس الجمهورية، فماذا اصبح دور الشارع بالتحديد؟". وأكد شمعون وقوفه الى جانب المطالب المحقة للناس على ان تتأمن وفق الامكانات المتاحة، وليس بأسلوب ممارسة الضغط.