سأل الجميع عقب إخفاق بطل العالم خمس مرات في الفورمولا واحد سائق فيراري الألماني ميكايل شوماخر في الجولتين الأوليين من المنافسات الحالية عن حقيقة تقهقره الفني والذهني والذي يظهر في عدم استخلاصه القدرات التقنية الكاملة لسيارته من جهة، على رغم أنه لا يزال يستخدم نموذج العام الماضي، ومن جهة أخرى في افتقاده مقومات التكيف مع التغييرات الجديدة في الأنظمة المعتمدة في البطولة، والتي يعلم الجميع أنها وضعت بهدف تقويض نجاحاته في الدرجة الأولى. ومهما كان مصير شوماخر في جائزة البرازيل الكبرى التي أقيمت أمس، على صعيد تحطيم قيود التخلف غير الاعتيادي بانتزاعه فوزه الأول هذا الموسم أو عدمه، فإن هذا الموضوع سيثير جدلاً كبيراً في كواليس المعنيين بالمنافسات من مديري فرق وسائقين وأبطال عالم سابقين فترة غير قليلة. وفي هذا الإطار، اعتبر الاسكتلندي جاكي ستيوارت، بطل العالم السابق أعوام 1969 و1971و 1973 أن الجزم بتخبط شوماخر في دائرة التراجع غير جائز حالياً، "إذ إنه لا يمكن استخلاص دليل راسخ عن هذا الأمر من الأحداث التي رافقت السباقين الأولين، واللذين لم يحالفه الحظ فيهما بكل بساطة، في حين أن دلائل موهبته الكبيرة لا تزال واضحة، على رغم ارتكابه بعض الأخطاء الصغيرة التي لا تليق بتصنيفه القائد الطبيعي للبطولة، وهي ميزة افتقدها عظماء الأبطال السابقين باعتقادي من أمثال الارجنتيني خوان مانويل فانجيو والفرنسي آلن بروست والبرازيلي إيرتون سينا". وحدد ستيوارت خطأ شوماخر في جائزة أستراليا الكبرى في خياراته غير المناسبة للمسار والتي جعلته يسير فوق العشب الجانبي مرات عدة، وفي جائزة ماليزيا الكبرى في عدم تجنبه حادث اللفة الأولى مع الإيطالي يارنو تروللي. وبدوره، لفت سائق ماكلارين الحالي الاسكتلندي دايفيد كولثارد، والذي يضطلع بدور أحد منافسي شوماخر الرئيسيين في البطولة الحالية، إلى أن الأخطاء التي ارتكبها شوماخر في السباقين الأولين ربطت مجدداً شوماخر بصورة البطل غير الخارق والذي يمكن إلحاق الهزيمة به بالتالي في أي سباق، "علماً أنني أرى أن شوماخر أظهر دائماً ضعفاً في مواجهة الضغوط المختلفة للمنافسات التي خضع لها، حتى العام الماضي حين تسلح بثقة استبعاد التهديدات الجدية في مواجهة مهمة الاحتفاظ باللقب". ورأى كولثارد أن أي سائق وحتى شوماخر نفسه يمكن أن يواجه مشكلة تراجع النتائج في مسابقة متطلبة على غرار الفورمولا واحد، والتي يواكب منافساتها غالباً تغيرات ميدانية غير مرتقبة بتأثير الطقس والمعطيات التقنية للفريق، "إلا أن الانجازات الكثيرة للبطل الألماني فرضت غض نظر المتابعين عن أخطاء كثيرة ارتكبها". وبالانتقال إلى بطل العالم السابق أعوام 1975و1977و1984 النمسوي نيكي لاودا، الذي أكد قناعته بأن إخفاقي شوماخر في السباقين الأولين لا يمكن أن يوجدا الحكم المطلق عن تراجعه، "ولا ننسى أن استخدامه النموذج الجديد لسيارة فيراري والذي يحمل تسمية "أف 2003 جي آي" سيزيد سرعته نصف ثانية في اللفة الواحدة مقارنة بالسيارة الحالية، ما سيجعله يستعيد موقعه المتفوق بسرعة في ميدان المنافسات". تعثرات طبيعية وأشاد لاودا بامتلاك شوماخر ميزة الاعتراف بأخطائه مهما اختلف حجمها وبالتالي تأثيراتها على نتائجه والإفادة منها في المراحل التالية، "أعتقد بأن إرادته الكبيرة في أثبات حضوره القوي ستعوض الثقة الزائدة بالنفس الناتجة من تدني حجم التحديات في مواجهته والتي تسببت ربما بزلتي قدميه في السباقين الأولين". من جهته، أوضح الإيطالي فلافيو برياتوري، المدير الحالي لفريق رينو، والمدير السابق لفريق بينيتون الذي دافع شوماخر عن ألوانه من عام 1992 إلى عام 1995، بأن البطل الألماني لم يستخدم أوراقه الرابحة كلها حتى الآن، "ما يجعل عثراته أمراً طبيعياً، والتي يضاف إليها حتمية ارتقاء فريقين على الأقل إلى مستوى تهديد تفوق فيراري هذا الموسم استناداً إلى القوانين الجديدة المعتمدة في البطولة، إلا أن أحداً لا يمكن أن يبني نتائجه الجيدة على تراجع نتائج شوماخر وفيراري غير المتوقعة عموماً". أما باتريك هيد المدير التقني لفريق وليامس فاستبعد معاناة شوماخر وفيراري من أزمة ثقة تنسف تطلعاتهما الكبيرة هذا الموسم، "وأرى أن ربط خيبتي شوماخر في السباقين بخسارته لمساته السحرية غير واقعي، وأتوقع ردود فعل مثيرة له ميدانياً في الجولات التالية".