يودّع لبنان اليوم رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين الذي توفاه الله ليل أول من أمس إثر صراع مع مرض عضال. ويشيعه الى مثواه الأخير في مأتم رسمي وشعبي. وكانت مظاهر الحداد، من رفع رايات سود وإقفال مدارس ومتاجر، عمّت ضاحية بيروت الجنوبية ومناطق الجنوب والبقاع وأقيمت مجالس العزاء في الأندية الحسينية. وجاء اعلان الوفاة على لسان رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي توجه ليل أول من أمس، وفور عودته من الكويت الى بيروت، الى مستشفى القديس جاورجيوس حيث كان شمس الدين فارق الحياة في العاشرة ليلاً، على ما اعلن المستشفى والمجلس الاسلامي، بعدما دخل في غيبوبة اثر نزاع مع المرض العضال لم يمهله طويلاً. وتوافدت أمس الشخصيات المعزية بالفقيد الى مقر المجلس، وفي مقدمها رئيس الجمهورية اميل لحود الذي شارك في تقبل التعازي مع الرئيس بري ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني والمفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبد الأمير قبلان والسيد محمد حسين فضل الله والأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله، اضافة الى رئيس الحكومة رفيق الحريري ورئيس المجلس النيابي السابق حسين الحسيني ووزراء الطائفة الشيعية ونوابها، وشيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ بهجت غيث. ومن ابرز المعزين الرئيسان السابقان امين الجميل والياس الهراوي ورئيس الحكومة السابق سليم الحص. ودون الرئيس لحود الذي دوّن في سجل التعازي كلمة ورد فيها: "في غياب الإمام الشيخ شمس الدين يفتقد لبنان رجل العلم والتقوى والفضيلة وأحد ابرز رموز الاعتدال والحوار المؤمن بوحدة لبنان وبالعيش المشترك بين ابنائه، وتخسر الطائفة الشيعية الكريمة عالماً كبيراً من علمائها ومرجعية روحية ووطنية كبرى ليس لطائفته فحسب بل ولكل مؤمن بالقيم التي ناضل الراحل الكبير من اجلها". ومنح لحود الفقيد وسام الأرز الوطني من درجة الوشاح الأكبر وفاء لعطاءاته وتقديراً لدوره الوطني الكبير. وسيتولى بري وضعه على نعش الفقيد ممثلاً إياه. ونعى رئيس الجمهورية لاحقاً الفقيد الذي "يغيب في وقت يحتاج لبنان الى حضوره المميز ومواقفه الرشيدة وحكمته الراجحة وهي صفات تميز بها في كل المواقع التي حل فيها والمسؤوليات التي تسلمها في الطائفة الشيعية الكريمة". وأضاف: "ان مواقفه مدرسة في الوطنية وترسيخ للانتماء، وساهمت خلال الظروف الصعبة التي عاشها لبنان في تعزيز اللحمة بين ابناء الوطن الواحد على اختلاف انتماءاتهم الدينية والسياسية، وكان لدعواته الى الحوار وجمع الشمل والنضال والمقاومة واعتماد سياسة الممانعة رجع صدى في كل لبنان والعالمين العربي والاسلامي، فأتى تحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي نتيجة حتمية لما دعا اليه الراحل الكبير وأسهم من اجل تحقيقه سنوات طويلة". وأبرق الى لحود معزياً أمير البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة واصفاً الفقيد بأنه "شخصية مميزة أعطت وأسهمت في خدمة وطنها وأمتها العربية والاسلامية طوال حياتها". وأبرق مرشد الثورة الاسلامية علي خامنئي الى عائلة الفقيد معزياً، وقائلاً ان غيابه "خلف فراغاً كبيراً، ولم يتوقف لحظة عن خدمة شعبه وغيابه خسارة كبيرة للشعب اللبناني". ونعى السيد نصرالله الراحل "علامة علماً ورائداً كبيراً من رواد الفكر الاسلامي والحركي ورمزاً شامخاً من رموز لبنان ورجالاته الأفذاذ ومهندس المواقف الجريئة ورفيق الإمام السيد موسى الصدر وقائد النهوض الاسلامي الملتزم في الوطن الذي يعتز بغنى طوائفه وتعايشها الوطني". ورأى في فقدانه "خسارة جسيمة لا يعوضها الا روح المسؤولية الاسلامية والوطنية التي طالما دعا الى التزامها وتجسيدها في المواقف والمحطات". وقال: "عهدنا للراحل ان نحفظ الأمانة والانجازات والوصية". ويتم تشييع الشيخ شمس الدين عقب صلاة الجمعة الى مدفن بالقرب من ضريح زوجته في باحة المجمع العلمي الثقافي مستديرة شاتيلا ضاحية بيروت الجنوبية بمشاركة وفد رسمي يمثل الرئيس الايراني محمد خاتمي ويترأسه نائب وزير الخارجية محمد الصدر. ونعت الراحل مؤسسة الإمام الخوئي الخيرية التي قالت: "ان الأمة الاسلامية تفقد واحداً من ابرز علمائها المصلحين وتخسر الطائفة الشيعية واحداً من ابرز قياديها وشخصياتها الفذة التي لم تأل جهداً للم شمل الأمة وخدمة ابنائها". وأعلنت تقبل التعازي في مركزها في لندن عصر اليوم. ونعاه السيد محمد بحر العلوم باسم مركز أهل البيت الاسلامي ومعهد الدراسات العربية والاسلامية في لندن، قائلاً: "خسرنا برحيله شخصية فذة ليس من السهل ان يُسد مكانها، ورئيساً محنكاً وقائداً رائداً لسفينة المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى وراعياً حنوناً على أبنائه". وصدر نعي باسم رئيس تجمع علماء المسلمين في البقاع الشيخ صبحي الطفيلي. وأبرق معزياً العماد ميشال عون واصفاً رحيله "بخسارة لا تعوّض".