فقد لبنان أحد أبرز رجاله السياسيين رئيس حكومته السابق صائب سلام الذي طبع جزءاً من تاريخه الحديث بطابعه، فعلاً وحضوراً وتأثيراً وكان أبرز المشاركين في معركة استقلاله ووضع علمه، وبناء دولته الناشئة المستقلة عن الانتداب الفرنسي. توفي سلام، آخر رجال الإستقلال، السادسة صباح امس في دارته في المصيطبة عن 95 عاماً، بعد أربعة أيام على احتفاله فيه، محاطاً بزوجته السيدة تميمة وأولاده وبينهم النائب تمام سلام وأحفاده، بعيد ميلاده، وقطع معهم يومها قالب حلوى على شكل العلم اللبناني. وكان في سنوات عمره الأخيرة مبتعداً عن العمل السياسي اليومي، لكنه لم يغب لحظة عن القضايا المصيرية والوطنية. فكان المسؤولون يقفون على رأيه فيها، وغالباً ما أخذوا به. وأمّت دارته في المصيطبة شخصيات ووفود، تقدّمها رئيس الجمهورية أميل لحود، عزّت النائب سلام وأفراد العائلة. ونعاه رسمياً رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة سليم الحص ومفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني والمجلس الشرعي الاسلامي الاعلى وجمعية المقاصد الخيرية الاسلامية وآل سلام. ودوّن الرئيس لحود، بعد التعزية، في سجل خاص الآتي "نتقدّم منكم ومن آل سلام الكرام بتعازينا القلبية الحارة بفقدان رجل من رجالات لبنان الكبار، وأحد أعمدة الوطن والاستقلال، تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وأعانكم على فقدانه بدوام العمل والعطاء من أجل الوطن". وجاء في نعي الرئيس الحص للراحل الكبير الى اللبنانيين والعرب انه "أحد أبرز رجالات الاستقلال وقد رحل عن عمر مديد قضاه في خدمة القضايا الوطنية والقومية بكل إخلاص وتفان". وقال "كان طول حياته الزاخرة بالعطاء واحداً من أبرز رجالات الدولة وأكثرهم اهتماماً بقضايا الناس وبيروت والوطن وظلّ يتابعها حتى آخر لحظة من حياته". وأعلن لبنان الحداد الرسمي ثلاثة أيام تنكس خلالها الاعلام وتعدّل البرامج العادية في الاذاعة والتلفزيون بما يتوافق والمناسبة. ويشيّع جثمان الرئيس الراحل اليوم في موكب رسمي وتقام الصلاة في مسجد الإمام علي بن أبي طالب في الطريق الجديدة في بيروت ويوارى في جبانة "الشهداء". ومن أبرز الذين أمّوا دارة "أبو علي سلام" للتعزية، الى الرئيس لحود، الرئيس السابق الياس الهراوي والرئيس الحص ونائبه ميشال المر ورئيس الحكومة السابق رفيق الحريري والمفتي قباني ورئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين وممثلون للقادة الروحيين المسيحيين والمسلمين، ووزراء ونواب وسفراء. ونقل السفير الاميركي ديفيد ساترفيلد تعازي حكومة بلاده، والقائم بالاعمال الكويتي منذر العيس تعازي أمير الكويت الشيخ جابر الاحمد الصباح. وغصّت الدار التي عايشت أحداثاً كبرى، ايضاً بجموع المواطنين العاديين من مناصري العائلة والراحل والكثيرين من وجهاء العاصمة، وبينهم شيوخ عايشوه ورافقوه في المراحل الاولى لحياته السياسية، فبكى بعضهم لفقده، واغرورقت عيون آخرين بالدموع.