تمحورت المواقف السياسية اللبنانية، التي سجلت أمس، على أهمية تأكيد «النأي بالنفس فعلاً لا قولاً» وضرورة عدم التدخل في شؤون دول أخرى ولا سيما المملكة العربية السعودية، فيما قلل سياسيون من «القوات اللبنانية» ومن «تيار المستقبل» حجم التباين بين الجانبين. وأكد عضو كتلة «المستقبل» النيابية عاطف مجدلاني ل «إذاعة لبنان» أن «البيان الوزاري الذي سيصدر عن مجلس الوزراء عندما يُعقد، سيكون شديد الوضوح لجهة سياسة النأي بالنفس عملاً وفعلاً وليس قولاً». وأسف لأن «فريقاً لبنانياً يتدخل من خلال قوى عسكرية في كل دول الجوار، سواء في سورية أو العراق أو اليمن أو البحرين، وكذلك في الكويت»، قائلاً: «هذا الأمر كانت له انعكاسات سلبية على دول الخليج والدول العربية». ورأى أن رئيس الحكومة سعد الحريري «عندما قال في مقابلة (مجلة) «باري ماتش» إن «حزب الله لا يستعمل سلاحه بالداخل، كان يعني الآن، ولا يعني أنه لم يستعمله سابقاً، ولا أحد يستطيع المزايدة بهذا الموضوع على الرئيس الحريري الذي يتطلع دائماً إلى الأمام». ورأى مجدلاني أنه «إذا استمرت الأمور بإيجابية، فالمنطق يقول إنه ستكون هناك جلسة لمجلس الوزراء وسيكون بيان يوضح كل الأمور ويضع النقاط على الحروف»، لافتاً إلى أنه «من الضروري أن يكون هناك جواب والتزام عملي بالنقاط التي طرحها الرئيس الحريري في استقالته، خصوصاً في موضوع النأي بالنفس»، آملاً «بأن تكون للتطورات التي حصلت في اليمن انعكاسات إيجابية على المنطقة». وعن الأزمة السورية، قال مجدلاني: «إذا راجعنا مؤتمرات جنيف سنلاحظ تطوراً إيجابياً سواء من جلوس ممثلين للنظام مع المعارضة وهذا اعتراف بالمعارضة، وكذلك بالنسبة إلى المعارضة التي أصبحت تعترف بالنظام مع إصرارها على التغيير، وهذا لا يمنعها من المناقشة»، مشيراً إلى «الدور الكبير الذي تلعبه روسيا». وعن علاقة «القوات اللبنانية» مع «تيار المستقبل»، أكد مجدلاني أنه «عملياً لا أعتقد بوجود تراشق». وقال: «إن العلاقة مع القوات اهتزت قليلاً نتيجة ما حصل أخيراً، وهذا يتطلب إعادة تقييم وهذا لا يفسد للود قضية». واعتبر «أن تعامل القوات مع موضوع الاستقالة المفاجئة كان متسرعاً، ومن المفروض أن يكون هناك وعي للواقع، فهناك فئة لبنانية تتعاطى مع أمور الدولة بنوع من التغاضي وبيدها قرار الحرب والسلم وتخطي الحدود إلى سورية مع تبريرات، ما أوقع اللبنانيين تحت ضغط». وتوقع أنه «في أقرب وقت سيكون هناك لقاء بين الحريري ورئيس حزب القوات سمير جعجع لإزالة كل الخدوش التي حصلت». وشدد على «أن تيار المستقبل والقوات في خندق واحد»، معتبراً «أن 14 آذار ليست تجمعاً للأحزاب بل هي روح موجودة عند العديد من المواطنين». وأكد مجدلاني «أننا في لبنان لا نتدخل في شؤون دول أخرى والمملكة العربية السعودية هي أقرب البلدان إلى لبنان وهي دائماً كانت بجانب لبنان وخصوصاً في الأزمات وداعمة للاستقرار الاقتصادي والمالي، وهي لا تريد إلا الخير للبنان». وشدد عضو الكتلة نضال طعمة على «أن خيار العلاقة الجيدة مع الدول العربية هو واجب وطني، والحرص ألا يكون لبنان منصة للإساءة إلى أشقائه هو حرص على مصلحة لبنان في العمق». وقال: «مصارحة الشركاء في الداخل هي أيضاً من أهم الواجبات الوطنية، فرؤيتنا لسقف سلاح حزب الله هو المقاومة وحماية لبنان، فقط لبنان، وليس بأي شكل من الأشكال إدخال لبنان في محاور إقليمية، الله وحده يعلم متى ينتهي الصراع وتجاذب المصالح الدائر في فلكها. هذا بالإضافة إلى ضوابط داخلية ينبغي أن نتوصل إليها معاً لإخراج البلد من أتون كل الخلافات الداخلية والخارجية. فالقضية اليوم هي أبعد من تغيير أو تعديل حكومي، القضية هي تغيير وتعديل مسار سياسي». وأوضح عضو «اللقاء الديموقراطي» النيابي وائل أبو فاعور ل «إذاعة لبنان» أن «لقاء النائب وليد جنبلاط مع أمين سر بهاء الحريري وطرحه استبدال الرئيس سعد الحريري جاء ضمن إطار مبادرة شخصية ولم يكن هناك أي تدخل من المملكة العربية السعودية». وقال: «البيان الوزاري المقبل سيكون مؤشراً للمرحلة المقبلة للاتفاق على مسار سياسي لا يعرض لبنان للأزمة نفسها التي مررنا بها». وشبه السياسة اللبنانية ب «الرمال المتحركة». وعن وساطة محتملة للحزب «التقدمي الاشتراكي» بين «القوات» و «تيار المستقبل»، قال: «لا يريدون أي وساطة على رغم أن ما حصل أخيراً أدخل بعض البرودة». أما عضو كتلة «القوات» النيابية فادي كرم فأكد أن «العلاقة بين حزب القوات وتيار المستقبل عصب السياسة اللبنانية وعصب الاستقلال اللبناني»، لافتاً إلى أن «الحزبين تعرضا إلى أشرس المعارك لفكهما عن بعضهما، وهناك معركة قاسية من أعداء السياسة اللبنانية ضد عصب السياسة اللبنانية»، مشيراً إلى أن «ذلك لا ينفي وجود بعض الأخطاء». وقال ل «إذاعة لبنان»: «لا ننكر وجود بعض المشكلات، إلا أن بعض المسؤولين قاموا بتلفيقات على القوات بأنها تريد استبدال الرئيس سعد الحريري، وهذه التلفيقات بعيدة جداً عن القوات». وشدد على «أن «القوات» لم تطرح ولا مرة استبدال الرئيس الحريري وهي ليست مخولة القيام بذلك». وقال: «لا نريد للرئيس الحريري إلا أن يكون متحرراً من كل الضغوط ونريده بشروط ثورة الأرز، ولكن أن يكون رئيساً للحكومة ويعمل ضمن ضغط حزب الله، هذا ما لن نقبله لا له ولا لنا»، مشدداً على أن «الرجوع إلى النأي بالنفس الفعلي هو شرط القوات».