أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اخلاء سبيل اكثر من عشرة آلاف موقوف خلال هذا العام لعدم كفاية الادلة، مشدداً على ضرورة عدم اعتقال أي شخص من دون اوامر قضائية نافياً وجود سجون سرية في العراق. وكانت تظاهرات نظمتها الجمعة عائلات معتقلين طالبت بالكشف عن مصير ابنائها. واكدت غالبية المتظاهرين ان المعتقلين يتعرضون لعمليات تعذيب ومعظمهم تم اعتقاله من دون اوامر قضائية او صدرت بحقهم اوامر افراج ولم يطلق سراحهم، فيما تشكك عائلات مفقودين بأنهم معتقلون في سجون سرية عراقية. واوضح المالكي ان «الحكومة واجهزتها الامنية تتحمل مسؤولية أي اعتقال من دون أمر قضائي وخلافه يجب اطلاق سراحه واخلاء سبيله فوراً من دون العودة الى القضاء مع محاسبة من نفذ الاعتقال من دون غطاء قضائي». واضاف ان»من تصدر في حقه مذكرة أمر اعتقال طبق السياقات القضائية المتبعة فإن القضاء هو الذي يتولى تدقيق الادلة واحالة المتهم الى المحاكم ويصدر في حقه الحكم الذي يراه موافقاً للقانون من دون تدخل من قبل السلطة التنفيذية». وحظر المالكي «اخلاء سبيل أي متهم الا بموجب قرار قضائي صادر عن الجهات المختصة ورقابة الادعاء العام على القرارات الصادرة بهذا الخصوص». وشدد على «ضرورة التأكيد بشكل قاطع على منع أي اعتقال لبريء بجريرة المجرم فضلاً عن المتهم مهما كانت صلة القرابة بينهما، واذا ثبت العكس فإن الحكومة مسؤولة عن محاسبة القائمين بالاعتقال بكل جدية». وطالب المالكي «الاجهزة الامنية والجهات التي تعنى بشؤون المعتقلين حماية حقوقهم الانسانية ومنحهم الضمانات القانونية للدفاع عن انفسهم. واستدرك: «اعلن بهذه المناسبة عدم وجود مواقف أو اماكن اعتقال سرية وأن كافة السجون والمعتقلات مفتوحة أمام السلطات الرقابية والقضائية المختصة التي يجب عليها الابلاغ عن أية مخالفة ان وجدت وإشعار السلطات القضائية لاتخاذ الاجراءات القانونية في حق مرتكبيها». وكانت وزارة العدل العراقية اغلقت اخيراً سجن «الشرف» داخل المنطقة الخضراء والذي صنفته منظمات دولية بأنه سجن سري يدار من قوة تابعة لمكتب المالكي وتتم فيه انتهاكات لحقوق المعتقلين. من جهته اعتبر مجلس القضاء العراقي ان ما طرحه رئيس الوزراء هو تأكيد للقوانين التي تعتمدها المؤسسات القضائية في التعامل مع المعتقلين. واوضح الناطق باسم مجلس القضاء الاعلى عبدالستار البيرقدار في اتصال مع «الحياة» ان «رئيس الوزراء لم يأت بشيء جديد وما طرحه هو تأكيد لعمل المؤسسات القضائية وتنبيه لبقية الجهات بعدم التدخل بعمل القضاء كونه سلطة مستقلة». لكن رئيس المنظمة العراقية لحقوق الانسان في بغداد خالد العزي اكد في تصريح الى «الحياة» ان «رئيس الوزراء يناقض نفسه من خلال ما طرحه حيث ان هناك العشرات من السجون التي تدار من قبل جهات حزبية مرتبطة بشخص المالكي وتتمتع بصلاحيات واسعة تنفذ حملات اعتقالات واسعة وعمليات دهم في كثير من مدن البلاد من دون أي اعتراض او تدخل من قبل السلطات القضائية او الحكومة ومثال ذلك لواء بغداد المرتبط برئيس الوزراء وهو مخالفة صريحة للدستور والقانون العراقي». واوضح ان «القانون لا يسمح بتشكيل أية قوة عسكرية خارج اطار وزارة الدفاع في حين نجد هذه القوات تمارس نشاطاتها القمعية في عموم محافظات البلاد عدا محافظات اقليم كردستان». وزاد: «لدينا معلومات موثقة تؤكد تورط الحكومة في عمليات اعتقال واحتجاز لابرياء من دون جرم يذكر». واشار الى ان «هناك سجوناً كثيرة تشرف عليها الحكومة من دون تدخل وزارة العدل او مجلس القضاء حيث ترتكب في حق نزلائها ابشع الاساليب القمعية ومما ساعد في تمادي السلطة التنفيذية في سياستها تلك هو تستر المؤسسات الانسانية الدولية كالصليب الاحمر على تلك الممارسات فضلاً عن إسناد القوات الاميركية لاجراءات الحكومة المتبعة في تنفيذ الاعتقالات». واشار الى ان «هناك اكثر من 180 معتقلاً صدرت في حقهم اوامر قضائية بالافراج الا ان الحكومة لم توعز باطلاق سراحهم حتى الان لاسباب مجهولة». واشار العزي الى ان «المعلومات والوثائق التي تحتفظ بها منظمته تؤكد ان وزارة العدل لا تشرف إلا على 15 في المئة من السجون بمعنى ان 85 في المائة تشرف عليها جهات حزبية مرتبطة بالسلطة التنفيذية مستغلة صمت المنظمات الانسانية ازاء ذلك». وتابع: «الدارسة التي أعدتها المنظمة وشملت اكثر من 100 الف معتقل في سجون مختلفة اكدت وجود87 في المئة من الابرياء داخل المعتقلات من دون وجه حق «، لافتاً الى ان «هناك سجون لا يمكن تسميتها بالسرية لكن يمنع من الوصول اليها بأمر من الحكومة ومن بينها القاطع الاول والرابع وقاطع 13 التابعة لسجن الرصافة في بغداد الى جانب وجود محاجر في سجن المقل بمحافظة البصرة يمنع الوصول اليها فضلاً عن وجود اربعة محاجر سرية تابعة لسجن سوسة». وزاد: «هناك تناقض واضح بين اعلان الحكومة وممارساتها الفعليه بملف المعتقلين». من جانبه ثمّن نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الجهود المخلصة التي بُذلت في سبيل إصلاح واقع حقوق الانسان في العراق، لا سيما أوضاع المعتقلين الابرياء. وقال في بيان «ان الجهود التي بذلت في سبيل قضية المعتقلين الابرياء وحقوق الانسان لم تذهب سدى، إذ باتت قضيتهم اليوم قضية متبناة بقوة من جمهور المواطنين وفعاليات المجتمع المدني والصحافة المستقلة المسؤولة».