لم يعد مشهد السيجارة التقليدية وحده هو ما يثير القلق في مجتمعنا، فقد برزت في السنوات الأخيرة ظاهرة التدخين الإلكتروني، أو ما يعرف بالفيب، التي تسللت إلى حياة الشباب بشكل واسع؛ حتى أصبحت عادة يومية لدى الكثير منهم. المؤسف أن هذه الظاهرة لم تقتصر على أماكن محددة، بل انتشرت في الحدائق والمطاعم والمقاهي وحتى في بيئات العمل، إلى درجة أن بعض الشباب يعلّق جهاز الفيب بجوار بطاقة عمله؛ وكأنه جزء من مظهره الشخصي. الكثيرون يظنون أن الفيب أقل ضررًا من السيجارة، وهذا اعتقاد خاطئ وخطير. فالأبحاث الطبية تشير بوضوح إلى أن السوائل المستخدمة فيه تحتوي على النيكوتين ومواد كيميائية ضارة تؤدي إلى الإدمان السريع، وتسبب اضطرابات في الجهاز التنفسي؛ مثل السعال وضيق التنفس، وتؤثر مباشرة على صحة القلب والأوعية الدموية، وقد تقود مع الاستخدام الطويل إلى أمراض خطيرة؛ مثل سرطان الرئة. الأخطر من ذلك أن صورة الفيب في أذهان الشباب تبدو عصرية وجاذبة؛ ما يدفع غير المدخنين إلى تجربته بدافع الفضول أو التقليد، وهو ما يشكّل تهديدًا صحيًا مضاعفًا. التصدي لهذه الظاهرة مسؤولية مشتركة لا تقتصر على الأفراد وحدهم، بل تمتد إلى الأسرة، والمدرسة، والإعلام، والجهات الرقابية. من أهم الخطوات التي يجب العمل بها نشر التوعية في الأماكن العامة من خلال لافتات تحذر من أضرار الفيب وتدعو إلى تجنبه، وتشديد الأنظمة التي تمنع التدخين في الأماكن التي يتواجد فيها الأطفال والشباب، إضافة إلى تكثيف الحملات الإعلامية بأسلوب يتناسب مع لغة الشباب، حتى تصل الرسالة بوضوح إليهم. كما يجب أن يظل دور الأسرة محوريًا عبر متابعة الأبناء، والحديث معهم بصراحة وحب حول خطورة التدخين، مع تشجيعهم على ممارسة الرياضة والأنشطة، التي تعزز صحتهم وتمنحهم متنفسًا بعيدًا عن هذه العادات الضارة. أما أنتم أيها الشباب، فاعلموا أن قراركم هو الأقوى. إذا كنت تدخن الفيب فجرّب أن تبدأ بتقليل عدد المرات تدريجياً حتى تتمكن من الإقلاع عنه تماماً. ابحث عن بدائل صحية مثل ممارسة الرياضة أو الانشغال بهوايات مفيدة تملأ وقتك وتبعدك عن التفكير فيه. ابتعد عن الصحبة التي تشجعك على التدخين، وكن أنت القدوة التي تُحتذى بدلاً من أن تكون سببًا في تقليد غيرك لعادة مضرة. تذكر أن قوتك ليست في السيجارة أو الفيب، بل في قدرتك على قول "لا" لما يؤذي صحتك. إن الوقاية تبدأ بخطوة صغيرة، وأبسط هذه الخطوات هي نشر الوعي ومنع انتشار القدوة السلبية التي يمثلها الفيب. شبابنا يستحقون أن يكونوا قدوة في الوعي والالتزام بالصحة، وحمايتهم من هذه العادة مسؤولية إنسانية ووطنية، فكل كلمة توعوية أو إرشاد صادق قد ينقذ مستقبلاً ويصنع فرقًا في حياة جيل كامل .