أيام معدودة ونستقبل ضيفاً عزيزاً غائباً لا يفد إلينا إلا مرة في العام ، والله رفع قدر هذا الضيف في كتابه الكريم ، فهو ضيف تَخفق القلوب بحبه ، وتتطلع العيون لرؤية هلاله ، فهو شهر ينتظره المسلمون بشغف ولهفة , وينتظره المؤمنون بشوقٍ ودمعة ، ونحن لا ندري هل ندرك صيامه وقيامه فنكون من الفائزين أم يوافينا الأجل فنصبح من المحجوبين ؟ فرمضان خير شهور العام ، شهر القرآن {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} فهذه الآية الكريمة دلت على استحباب دراسة القرآن الكريم في رمضان والاجتماع عليه ، ونظام الحياة اليومية في شهر رمضان المبارك يختلف عن باقي أيام السنة ، فنهاره صيام وعبادة ، وليله قيام وتلاوة قرآن ، قال عليه الصلاة والسلام : ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة , يقول الصيام : أي رب منعته الطعام والشهوة , فشفعني فيه , ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعني فيه , قال فيشفعان ) إنه شهر الخير والرحمة , شهر النقاء والعفة , شهر الطهر والصفاء ، شهر الخير والعطاء والبر والنماء ، روي عن المصطفى عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( أتاكم شهر رمضان , شهر بركة , يغشاكم الله فيه برحمته , ويحط الخطايا , ويستجيب الدعاء , ينظر إلى تنافسكم فيه , ويباهي بكم ملائكته , فأروا الله من أنفسكم خيراً , فإن الشقي من حرم رحمة الله ) أما ما نشاهده اليوم في عصر التقدم فهو يختلف كثيراً جداً عن أيام الأجداد والآباء البسيطة التي كان لرمضان فيها رونق وابتهاج ، ولكن في عصرنا الحاضر أصبح هذا الشهر الكريم مضمار للسباق بين المحطات الفضائية المرئية التي تسعى لإستقطاب أكبر عدد من المشاهدين لإهدار وقتهم في مشاهدة ما تبثه من مواد إعلامية هابطة تستهدف إبعادهم عن لذة العبادة في بيوت الله ، وكأن هذا الشهر ما وجد إلا لمتابعة المسلسلات والمسابقات التي لا يجنى منها خير قط ، فهل شهر رمضان شهر نتسابق فيه لنيل المغفرة والإغتسال من الذنوب ؟ أم نتسابق خلال أيامه ولياليه لمضاعفة الذنوب ؟ فأيام وليالي الشهر الفضيل أثمن من أن تهدر في أي لهو حتى وإن كان مباح ، رغم أن شياطين الجن في هذا الشهر تحبس إلا أن شياطين الأنس تأخذ من هذا الشهر مدخل ربحي مادي مقابل تلهية الناس عن واجبات خير شهور العام بما تقدمة من لهو عبر الشاشة الفضية ، دعوة أبعثها لأهل الدعوة بأن يدعوا أصحاب تلك الفضائيات إلى إعادة حساباتهم والتوبة مما يقدموه من برامج وأفلام هابطة ليست ذات جدوى ، وتوضح لهم أهمية هذا الشهر الكريم ، وكيف كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يتعاملون معه ، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ قال : ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) وقوله عليه الصلاة والسلام : ( من قام رمضان إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) . فيا كريم كما باركت لنا في رجب وشعبان نسألك يا رحمن يا رحيم أن تبلغنا رمضان على تقوى منك ورضوان , وعفو وعافية ، وعتق من النيران , وأن تعنا على صيامه وقيامه ، وتلاوة كتابك وختامه . همسه : لا ينفع الندم بعد فوات الأوان .ومن أصدق من الله قيلاً { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }.