قصه واقعية حدثت فى سوريا، يرويها الشيخ محمد راتب النابلسي، وهذه القصة قبل الحرب بحوالي عشرين سنة، يقول صاحب معمل خياطة كنت صاحب معمل خياطة، وكانت لي جارة مات زوجها وترك لها ثلاثة من الأيتام، أتت يوماً إلى معملي، وقالت لي: يا فلان، عندي ماكينة حبكة وكان زوجي يشتغل عليها، ونحن لانعرف كيف نعمل عليها، وأنا أريد أن أصرف على هؤلاء الأيتام، أيمكن أن آتي بالماكينة إليك في المعمل فتستأجرها مني لأحصل منها على دخل أعيش به أنا وأسرتي؟؟ فاستحييت منها - والحياء لا يأتي إلا بخير -، وقلت لها: على الرأس والعين أرسليها إليّ، فلما أتت بالمكينة، وجدت موديلها قديم جداً جداً، ولا يمكن استعمالها في شيء أبداً !! لكن ما أحببت أن أكسر بخاطر تلك المرأة المحتاجة، فسألتها: يا أختي، بكم تقدرين أجرتها؟ قالت: ثلاثة آلاف ليرة.. فأخذتها وقلت لها: جزاك الله خيراً يا أختي.. "لقد جبرت بخاطرها" وأعطيتها الثلاثة ألاف ليرة وأخذت المكينة، ووضعتها بزاوية من زوايا المعمل، لأنه لا يمكن أن نعمل عليها شيئاً، ولكن ما أردت أن أكسر بخاطرها.. بقينا على هذه الحال عشر سنوات، وأم جميل تأتي كل شهر تأخذ إيجار المكينة، والمكينة بزاوية المعمل لا تعمل، يعني لم نستفد منها شيئاً !! وبعد عشر سنوات، انتقلنا من المعمل الصغير إلى معمل جديد على أطراف البلدة، وعند نقل الأغراض قلت لهم: أنقلوا مكينة أم جميل معنا؟ فقالت مديرة المعمل: أستاذ ما لنا في مكينة أم جميل، لماذا ننقلها؟ قلت لها: هذا ليس من شأنك، انقلوها فقط.. ومرت الأيام والسنوات، وبعد عشر سنوات أخرى، قامت الحرب، ووالله، تم تدمير المنطقة التي يقع بها المعمل بأكملها إلا معملي بسبب الحرب، وانقطع الإتصال بأم جميل، وحاولنا كثيراً ولم نعرف لها عنواناً، وكلما اتصلنا على هاتفها وجدناه مغلقاً !! ثم تركتنى مديرة المعمل، وسافرت إلى أوروبا، وبعد شهرين من سفرها اتصلت عليَّ وقالت لي: لقد رأيت رؤيا وأحبُّ أن تسمعها مني؟ قلت لها: ما هي هذه الرؤيا؟ قالت: رأيت في الرؤيا، هاتفاً يقول لي: قولي لفلان: ببركة مكينة أم جميل حفظنا لك معملك، يقول: فاقشعرّ جلدي وانهمرت دموعي وقلت: الحمد لله، ووالله لم يذهب من معملي ولا إبرة واحدة، علماً بأن المنطقة التي بها المعمل ذهبت كلها في الحرب.. ترويقة: جبر بخاطر أم الأيتام فجبر الله بخاطره، وصنائع المعروف تقي مصارع السوء، ولعلّك برعاية جار ضعيف من جيرانك ، أو صديق فقير أو امرأة من أقربائك تحتاج من يخدمها، يكون سبب في سعادتك، وسبب في رعايتك وسبب في حمايتك أنت وعائلتك.. ومضة: قال تعالى: (فَ0تَّقُواْ 0للَّهَ مَا 0سْتَطَعْتُمْ وَ0سْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنفِقُواْ خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ ۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ 0لْمُفْلِحُونَ)، وقال تعالى: (0لَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى 0لسَّرَّآءِ وَ0لضَّرَّآءِ وَ0لْكَٰظِمِينَ 0لْغَيْظَ وَ0لْعَافِينَ عَنِ 0لنَّاسِ ۗ وَ0للَّهُ يُحِبُّ 0لْمُحْسِنِينَ)..