حين تتحول المواساة إلى مأساة    الذهب يسجل مستوى قياسيا بفضل توقعات خفض الفائدة    زيلينسكي: توفير الضمانات الأمنية يتطلب آلاف الجنود    المملكة تدين تصريحات نتنياهو المتكررة حيال تهجير الفلسطينيين من أرضهم    مرور عسير يلقي القبض على باكستانيين لترويجهما (20) كجم "قات"    هيئة الموسيقى و«فيلهارموني باريس» يوقعان برنامجًا تنفيذيًا للتعاون في مجال الموسيقى    حقيقة تحمل الهلال راتب ميتروفيتش في الريان    إنزاغي يُسجل ثنائي الهلال الأجنبي في النخبة ويتمسك باستمرارهم    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال(62) لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة    توخيل يستهدف إظهار حماس أكبر لمنتخب إنجلترا ضد أندورا    الأمن البيئي: غرامة صيد الذئب العربي 80 ألف ريال    جمعية رواد العمل التطوعي في جازان تعقد ورشة تدريبية بعنوان "بناء الفرص التطوعية"    السجن والغرامة لمرتكبي المخالفات التي تهدد السلامة العامة    خطيب المسجد النبوي: الظلم يُذهب الأجر ويقود للهلاك    خطباء المملكة يخصصون خطبة الجمعة للحديث عن مكانة كبار السن وحقوقهم    خطيب المسجد الحرام: الحسد من أعظم ما يُنغص على العبد طمأنينته    طقس ممطر ورياح مثيرة للأتربة على عدة مناطق    انخفاض أسعار النفط    المعمرون أقل عرضة للأمراض    الأهلي يجدّد عقد مدربه"يايسله" حتى عام 2027    كيف ستغير رسوم الأراضي البيضاء مسار السوق العقارية ؟    من قلب الأحساء إلى العالمية... حكاية اللومي الحساوي    هل الروبوتات أكبر خطر يُهدِّد البشريّة؟    حملة الدراسات العليا بين الموارد والتعليم    نائب وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية موريتانيا    الرواية.. سحر الحكاية وشغف القراء    وزارة الثقافة تحمي التراث وتترجِم رؤية 2030    التربية بين الأنْسَنة والرقْمَنة    ملامح عامة في شعر إيليا أبو ماضي    إنهم يشوهون المثقفين 2/2    مفردات من قلب الجنوب 19    لقاء الثلاثاء بغرفة الشرقية يناقش صناعة السينما في السعودية    الدوري السعودي لكرة القدم قوة ناعمة عالمية    استعداداً لكأس آسيا .. "الأخضر تحت 23" يواجه روسيا ودياً    وزارة الرياضة تختتم مشاركتها في جناح "واحة الإعلام" بالعاصمة الرياض    كل عام وأنت بخير    اضطراب المساء عند كبار السن (متلازمة الغروب)    النوم عند المكيّف يسبب الخمول    إتاحة الدراسة عامين لخريجي الثانوية الراغبين في رفع معدلاتهم التراكمية    الجوف تشهد انطلاقة أعمال السجل العقاري    محافظ الخبر يدشن المؤتمر الدولي الخامس لمستجدات أمراض السكري والسمنة    ضبط 26 مخالفًا لتهريبهم (450) كيلوجرامًا من القات المخدر    غرفة الرس تستعرض منجزاتها في الدورتين الثالثة والرابعة    السعودية تفرض قيوداً على لعبة روبلوكس لتعزيز الأمان الرقمي    الطريق البري بين المملكة وعُمان إنجاز هندسي في قلب الربع الخالي    استخدام الإنترنت في السعودية يقفز ل 3 أضعاف المعدل العالمي    احتجاجات إسرائيلية قرب منزل نتنياهو للمطالبة بصفقة غزة    القيادة تعزّي رئيس مجلس السيادة الانتقالي بجمهورية السودان    أوروبا تعتبر لقاء بوتين وشي وكيم تحدياً للنظام الدولي.. لافروف يتمسك ب«الأراضي» وكيم يتعهد بدعم روسيا    لا أمل بالعثور على ناجين بعد زلزال أفغانستان    الواحدي والدغاري يحتفلان بزفاف محمد    100 % امتثال تجمع جدة الصحي الثاني    حُسنُ الختام    اليوم الوطني السعودي.. عزنا بطبعنا    فضيلة المستشار الشرعي بجازان "التماسك سياج الأوطان، وحصن المجتمعات"    أربعون عاما في مسيرة ولي العهد    ميلاد ولي العهد.. رؤية تتجدد مع كل عام    نائب أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور أحمد علوش… قصة كفاح وسيرة أكاديمية ملهمة تجاوزت التحديات بالصبر والمعرفة
من ظلّ البوابة إلى منصة الأدب والتكريم
نشر في الرأي يوم 30 - 05 - 2025

- الرأي - خلود النبهان - جازان :
تستمر جازان في إبراز قصصٍ تنتمي لوجدان الوطن، ويقف خلفها أبناؤها ممن تجاوزوا التحديات ليكونوا نماذج سعودية يُحتذى بها.
ومن بين هذه النماذج، تبرز سيرة الدكتور أحمد علوش، أستاذ الأدب والنقد الحديث المساعد بجامعة جازان، بوصفها تجربة تنتمي لمدرسة الصبر والتدرج، لا القفز السريع ولا الفرص المهيأة. لم يبدأ رحلته من واجهة الضوء، بل من خلف الأبواب؛ حيث عمل حارس أمن ليلًا ونهارًا في بداية حياته، وهي وظيفة لم تكن قيدًا على طموحه، بل كانت جزءًا من ملامحه الأولى، ومن تفاصيل الرحلة التي آمن أنها لا تُقاس ببدايتها، بل بنواياها ووجهتها.
كان الطريق شاقًا، لكنه لم يطفئ شغفه. فبين نوبات العمل المتواصلة، كانت الكتب رفيقة دربه، ومصابيح صغيرة تعينه على المضيّ في الظلمة. لم تكن القراءة ترفًا، بل نافذة للبقاء، وحبلًا يربطه بمستقبل يتخيله أكثر عدلاً واتساعًا. في تلك المرحلة المبكرة من حياته، لم يكن يملك من أدوات الرفاه إلا الكتاب. كانت نوبات العمل الطويلة تستنزف الجسد، لكن القلب كان معلقًا بشيء أكبر من الراتب البسيط: بدرس لم يُكتب بعد، وباسمٍ لم يُعرف بعد، لكنه يؤمن بأنه سيُقال لاحقًا.
وفي إحدى مقابلاته، ذكر الدكتور أحمد أنه "كان يعمل حارس أمن، ويحمل معه كتبًا يقرؤها أثناء فترات الراحة، دون أن يشعر بالخجل من العمل، لأنه كان يراه مرحلة، ويؤمن بأنه سيصل إلى ما يطمح إليه."
وبين صفحات الأدب، وفي ظل الصمت، تشكّلت رؤيته النقدية؛ لم يأتِ إلى النص بوصفه سلطة، بل بوصفه امتدادًا للحياة عاشها، وفهمها بعمق.
ورغم وعورة الطريق، لم يكن وحده. فهناك، في البيت البسيط، كانت الأم تهيئ له فضاءً آخر لا يُقاس بالمال ولا بالدرجات العلمية. أمٌّ لم تكن تعرف مصطلحات النقد، لكنها عرفت تمامًا أن هذا الابن المتعب يحمل مشروعًا لا يجب أن يُطفأ. كانت تقرأ فيه شيئًا أكبر من ظروفه، تراقب خطواته من بعيد، وتدعو له في صمت الليل، في الوقت الذي كان فيه العالم منشغلًا بضجيجه، وكانت هي تكتب له دعاءً بصوتٍ لا يُسمع، لكنه يصل.
حين واصل دراسته العليا، لم يكن عبوره إلى هذا المسار ناتجًا عن ظروف ميسّرة، بل جاء امتدادًا لطريق صاغه بنفسه. خاض مراحل دراسته وسط التزامات معيشية وضغوط متعددة، دون أن يسمح لها بأن تعيق تطلعه العلمي. كانت خطواته في البحث متأنية لكنها راسخة، مدفوعة بإرادة واعية، ورغبة صلبة في تجاوز المألوف. لم يكن الطريق ممهدًا، لكنه شقّ طريقه فيه بتصميم، وفرض حضوره بالاجتهاد والانضباط، لا بالفرص المصنوعة.
وحين جاءت لحظة الاعتراف بهذا المسار الهادئ والمجتهد، كُرّم الدكتور أحمد علوش في حفل ⁧(قدوات⁩) لرواد التأثير والأسوة الحسنة، ضمن نخبة من السعوديين الذين أسهموا بأثرهم في مجتمعاتهم، وذلك برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز، أمير منطقة عسير ورئيس هيئة تطويرها. وكان ظهوره في ذلك المحفل أكثر من لحظة احتفاء، بل استدعاء صادق لحكاية بدأت بصمت، وواصلت طريقها بثبات حتى أصبحت جزءًا من ذاكرة وطنية تُحتفى بها.
وربما كانت رحلته تقول – دون أن يدّعي – إن الكفاح الحقيقي لا يُعلن عن نفسه، بل يُثبت حضوره بهدوء، مثل نبتة تنمو في الظل، لكنها لا تتوقف عن النمو.
ولأن الطريق لم يكن سهلاً، فقد مضى فيه كما تمضي الأفكار الناضجة: بهدوء، وبثقة، وبوعي أن الوصول لا يعني الوقوف، بل الاستمرار من موقع مختلف. يجلس اليوم في موقع أكاديمي رفيع، لكنه لا يزال يردّد داخله ما تعلمه مبكرًا: أن كل خطوة صغيرة، حين تُؤخذ بنيّة واضحة، تُراكم أثرًا لا يُستهان به.
وسيرة الدكتور أحمد علوش تُقدَّم بوصفها تجربة صادقة في مواجهة التحديات، ودليلًا على أن الطموح حين يُصاحب بالصبر والمعرفة، يمكنه أن يجد مكانه، ولو بعد حين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.