بصرف النظر عن كل ما قيل وما سيقال عن شركة «ماكينزي» للاستشارات، فإن سجلها الاستشاري يحفل بالكثير من النجاحات، وإن كان لا يخلو من الإخفاقات، وهنا ينبغي أن لا ننسى تورط الشركة استشاريا في فضيحة «انرون» ورئيسها «كين لي» والذي كان يعمل مستشارا في «ماكينزي» وكذلك تورطها في توصيات بنوك «وول ستريت» والتي ضاعفت من حجم أزمة الائتمان العالمي آنذاك وكلكم يتذكر دراستها الشهيرة لشركة «تي آند تي» عندما طلبت منها عام 1985 عمل دراسة عن مدى انتشار الهواتف الجوالة والتي كانت صرعة جديدة في ذلك الوقت ومدى تهديدها لإمبراطورية الشركة في الخطوط الأرضية عندما كانت أكبر شركة من نوعها في العالم وبعد دراسة معمقة كان رد «ماكينزي» أنه لا يوجد خطر على هذه الخطوط الأرضية وأن عدد الجوالات لن يتجاوز مليون وحدة عام 2000 في حين أن الذي حصل أن عددها قفز في ذلك التاريخ إلى 100 مليون أي ما يوازي 100 ضعف لما تنبأت به الشركة في دراستها المذكورة. لكن ذلك لا يقلل من القيمة الاستشارية للشركة في سوق العالم للاستشارات المالية والاقتصادية تحديدا، خصوصا أنها تتربع حاليا على عرش شركات الاستشارات العشر الأولى في العالم وبلا منازع. الاستعانة بشركة عالمية في عملية التخطيط الإستراتيجي عموما مسألة لا غنى عنها في هذه المرحلة وفي مثل هذه الحالة الراهنة أيضا لأسباب يصعب استعراضها حاليا خصوصا أن الشركة تنبأت بأن البطالة سوف ترتفع إلى 20% عام 2030 خلافا للمصادر التي ترى أن مؤشرات البطالة تنقص ولا تزيد إذا أخذنا بعين الاعتبار أنه لا يمكن توليد أكثر من 3 ملايين وظيفة في أحسن الأحوال خلال الخمس عشرة سنة القادمة، كما أن معدل الدخل الحقيقي سوف ينخفض ب20% لنفس الفترة أيضا كما أن الدين العام سيقفز إلى 85% من إجمالي الناتج المحلي الذي لن يتجاوز حاجز التريليون و200 مليار خلال هذه الفترة وذلك في حين بقيت الأمور على ما هي عليه وفقا لدراسات للشركة. رؤية ماكينزي 2/4/6 والمؤلفة من 156 صفحة تقضي بمضاعفة حجم الناتج المحلي في القطاع غير النفطي تساهم به الحكومة والقطاع الخاص في الاستثمار الأجنبي وذلك لتوفير 6 ملايين وظيفة.. إلخ ما جاء في فصول هذه الخطة، لكن العبرة هنا ليس بما يمكن تحقيقه ولكن في الآليات والبرامج التي تمكننا من الوصول إلى هذه الأرقام. لذلك فإن المأمول والمملكة تطلق رؤية 2030 البدء بوضع الأساسات والقواعد اللازمة لإنجاح هذه الخطط كالإطار العام المؤسساتي وأنظمة الحوكمة وتطبيق مؤشرات الأداء الكلي وتفعيل مؤسسات الرقابة العامة وإعادة الهيكلة ومراجعة الأنظمة وغيرها لكي تحقق هذه الخطط والإستراتيجيات الغاية المرجوة منها.