على مدى أسبوعين راقبت ردود الصحافة والكتاب ورجال الأعمال على التقرير الصادر من «ماكينزي» عن الاقتصاد السعودي وحزنت على طريقة التعاطي مع هذا التقرير الهام الذي شارك في إعداده نخبة مميزة من المعهد على رأسهم العضو المنتدب للشركة في المملكة غسان الكبسي وكوكبة من الباحثين الاقتصاديين الأجانب، حيث كانت مساحة التعاطي مع التقرير لا تتجاوز الملخص الانتقائي الذي سارت به ركبان الصحافة والذي لم يكن يعكس حقيقة وقيمة وفحوى التقرير. ولأن «ماكينزي» تتمتع بسمعة رفيعة هي الأفضل في العالم تقريبا وتصنف بأنها «هارفارد » للاستشارات للدلالة على مدى تفوقها في تقديم الحلول للحكومات والشركات ويعمل بها أكثر من 9500 مستشار من 78 بلدا ويقف في مقدمة زبائنها أكبر 500 شركة في العالم وتغطي فروعها 43 بلدا، وحيث إن ربع المستشارين الذين عملوا بالشركة قد نجحوا في تأسيس شركات خاصة وأكثر من 400 شخص منهم يتربعون حاليا على هرم شركات تتجاوز عائدات كل منهما مليار دولار، فإني كنت أتوقع أن يتم تناول هذا التقرير الهام من زاوية أكثر انفراجا يتجاوز ما طرح، خصوصا أن هذا التقرير الذي يتجاوز 144 صفحة تم اختزاله في ربع صفحة فقط. هل نقل لنا أحد أن نسبة النمو هي الأقل في المملكة ضمن قائمة الدول الواردة في التقرير ولا يأتي بعدنا سوى المكسيك، حيث بلغ النمو في الهند 5.3 % وفي أندونيسيا 3.7 % وفي نيجيريا 4.3 % وفي تركيا 3.1 % في الوقت الذي لم تتجاوز هذه النسبة في المملكة 0.8 %. هل أشار أحد إلى نسبة القيمة المضافة للفرد العامل في المملكة في بعض القطاعات الاقتصادية والتي لا تتجاوز خمس نظيره في أمريكا أو ثلث شقيقه في الكويت؟ هل تحدث لنا أحد عن قطاع التجزئة الذي لو تم تحديثه لتضاعف حجمه وتضاعفت أجوره ولارتفعت نسبة توظيف السعوديات إلى 1200 %؟ هل ذكر لنا أحد بأن إنتاجية الفرد في القطاع التجاري تقل عن نظيره الأمريكي ب 201 % وعن شقيقه الإماراتي ب 190%؟ هل اقتبست الصحف أو الفضائيات للناس أهم ما جاء في التقرير وهو أن الاستمرار بذات السياسات دون إصلاحات اقتصادية سيؤدي إلى تحول معدلات الأصول الاحتياطية الحالية البالغة 100 % من الناتج المحلي إلى دين صافٍ يبلغ 140 % في عام 2030. [email protected]