لم يسعفهم نظام عمل وتطاردهم أعين المتربصين أينما ذهبوا فهم بحسب وصفهم مراقبون دائما وتلوكهم ألسن الناس دون أن يشعروا بحجم ظروفهم ولا مدى ما يبذلونه من جهد بحثا عن لقمة عيش شريفة.. سائقو العائلات أو الذين يمتهنون توصيل العائلات التي تجد صعوبة في التنقل بسبب غياب العائل.. يقدمون خدمة للمجتمع تحيطها الغموض والأسرار. في البداية يقول عبدالهادي العنزي: «عمري 32 عاما ولم أتزوج إلى الآن، بدأت أعمل في توصيل العائلات منذ سنتين وسمعتي بين العوائل جيدة ولله الحمد، إلا أن بعض العائلات لا تفضل الذهاب معي لأنني سعودي وأنا أتفهم مثل هذه الأمور، لكنني كثيرا ما أتعرض إلى مضايقات من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد وقعوني على تعهدات كي لا أقوم بتوصيل النساء إلا ومعي محرم رغم أني أرفض ركوب أي امرأة معي لوحدها، وأعمل بما يرضي الله عزوجل، لكن كل هذا ليس بمغفور لي عند من يرى أني وضعت رقم هاتفي على زجاج مركبتي لأن هذه هي الطريقة الوحيدة للتواصل مع الزبائن». ويتابع سلمان رباح: «إن عملي في التوصيل أعتبره مغامرة خطرة لكنه الرزق الوحيد لعائلتي كوني متزوجا وأبا لطفلتين، ومنذ عملي في هذا المجال لا تشتكي مني أي عائلة قمت بتوصيلها، فأنا لا أتعاطى بالحديث كثيرا مع زبائني وهذا مبدأ اتخذته على نفسي، لأن «السمعة» هي رأس المال في هذا العمل» ، ويؤكد سلمان على شدة المنافسة الظالمة بحد وصفه مع الأجانب، ويضيف: «أكثر الأجانب يعملون على سياراتهم الخاصة دون أن يتعرضوا لأي مساءلة أو محاسبة، بينما نحن معشر السعوديين تطاردنا أنظمة الممنوع وأعين المشككين أينما ذهبنا». من جهته طالب المواطن محمد شديد الجهات المسؤولة بتنظيم عمل السائقين الذين يعملون في مجال توصيل العائلات، وقال: «أغلبهم من أبناء الوطن، أجبرتهم الحاجة على العمل في هذا المجال، والواجب أن نطمئن لهم كونهم أكثر أمانا لأبناء جلدتهم، وبعضهم يعتبر أن العائلة التي تركب معه هي عائلته لكي يقوم بتوصيلهم إلى المكان الذي ينشدونه». ويتابع مرعي العطوي: «كثيرا ما تفضل بعض العلائلات السائق الأجنبي ونحن نقدر مثل هذا الاختيار، لأن بعضها يشعر بالحرج الشديد خوفا من أن يعرفهم السائق السعودي فيفضح أمر مشاويرهم الخاصة عند العامة»، ويضيف: «ليس من شأني البحث عن هوية من يركب معي أو أين ستكون مشاويره الخاصة، أنا أؤدي عملي بكل احترام وأمانة وحين يصل الزبائن إلى وجهتهم المنشودة ينتهي دوري ويبدأ بحثي عن زبائن آخرين». ويتابع: «غالبا ما تكون مشاوير العائلات إلى الأسواق أو المستشفيات، ولدي زبائني الذين يثقون بي منذ سنوات ويشعرون بارتياح شديد وهم معي ومثل هذه الثقة هي التي تجعلني محط طلب الآخرين» .. من جانبه يقول سلمان العنزي أخصائي اجتماعي: «يجب أن نشجع الشباب على العمل، وهذه الأعمال مكان خصب لكسب الرزق الحلال مع ما فيها من تفريج لحاجات بعض العائلات التي لا تجد لها معيلا في أكثر الأحيان يقوم بتوصيل أبنائهم إلى المدارس أو إلى المستشفيات، وغالبا ما يكون الأب أو الأخ مشغولا في عمله أو مسافرا، لذلك يكون الأمان أكثر مع من نعرف لا مع من نتعرف عليه فيما بعد» ، ويقترح العنزي أن تكون وزارة النقل والمواصلات هي الجهة المسؤولة عن تنظيم عمل «سائقي المشاوير العائلية» وأن تسهل عملهم بلا تعقيدات أو بيروقراطية تنفر الشباب من التعاون معهم، ولعل الاكتفاء بتزويد كل إدارة بكل منطقة بأرقام وعناوين الذين يعملون في هذا المجال هي أسلم طريقة للتنظيم، وحينما يكون لدى كل إدارة قاعدة بيانات كاملة للعاملين فإن هذا الأمر يجعل المستفيدين من تلك الخدمة أكثر اطمئنانا وأمانا لمن يعملون في هذا المجال إذا أدركوا أن هناك رقابة حقيقية وتنظيما جيدا لمثل هذا العمل.