أعتقد أنه لا توجد جهتان تستحقان التعاطف معهما وتقدير الصعوبات التي تواجههما مثلما هو حال هيئة مكافحة الفساد وجمعية حقوق الإنسان. هذان الكيانان جاءا ونحن في أمس الحاجة لوجودهما بعد أن استعصت وتفاقمت كثير من قضايا الفساد وحقوق الإنسان في مجالات عامة وخاصة. هذه الصعوبات كان من المفترض أن نتوقعها لأن طبيعة عمل هاتين الجهتين تصطدم مع شرائح واسعة مزمنة ومتغلغلة في مفاصل مجتمعنا وأجهزتنا الإدارية، تراكمت مكتسباتها وتعاظمت ومن الصعب أن تهادن أو تتسامح تجاه من يريد كشفها، ناهيكم عن محاسبتها.. هيئة مكافحة الفساد بدأت عملها في مواجهة الفساد الذي يرتدي أقنعة متعددة، ويستغل أنظمة تحتاج إلى تطوير، ولهذا كان لابد أن تكون مهمتها مرهقة، وأن تكون محصلة أدائها ضعيفة. الهيئة ما فتئت تصرح بين وقت وآخر بطبيعة التعامل معها من معظم الأجهزة الحكومية، التي تتسم بالالتفاف والتجاهل وعدم الاكتراث، وما صرحت به لوسائل الإعلام يوم أمس ليس غير واحد من الشواهد على المأزق الذي تعانيه، والذي يؤكد أنها وحدها وبآليات عملها الحالية غير قادرة على تضييق دائرة الفساد ، وأما قطع دابر أسبابه فدون ذلك خرط القتاد.. وفيما يتعلق بجمعية حقوق الانسان فإنها ليست بأحسن حظا. فمفهوم الحقوق غائب عن كثير وملتبس عند أكثر، وثقافة حقوق الإنسان كانت غائبة وإلى الآن ربما لدى نسبة ساحقة من المجتمع. ولأنه ليس من مصلحة الذين يمارسون انتهاكها زيادة وعي المجتمع بها فإن هناك مقاومة مستترة وفي بعض الأحيان علنية لشر هذه الثقافة. أما انتزاع الحقوق من الجهات التي يتعامل معها الناس فإنها قضية في منتهى التعقيد. وإذا راجع أحدكم تقارير الجمعية السنوية سيجد فيها تذمرا واضحا من عدم التفاعل مع كثير من توصياتها وملاحظاتها المهمة.. ولذلك يصبح ضروريا أن نقول إنه إذا كان أريد فعلا لهاتين الجهتين أن تضطلعا بمسؤولياتهما كما يجب فإنه لا بد من دعم الدولة لهما بشكل أكبر وأكثر صرامة وحزما مما هو عليه الآن. ولابد أن يكون لوجودهما معنى برؤية النتائج التي تحققانها، وإلا فإن الفساد سيستمر ويستشري، والحقوق ستكون أصعب من أن يحصل عليها أحد. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة [email protected]