أول ما يلفت انتباهَ المتابِع لحادث قناة السويس هو حجم الشماتة التي أطلقها الإخوان المسلمون وما يسمى عموما بالمعارضة المصرية في الخارج، التهويل واختلاق القصص والجزم بأن مصر ستدفع تعويضات مليارية كان الشغل الشاغل لمنصاتهم طيلة الأيام الماضية، الغريب أن الحادث تزامن مع تضييق تركيا على هذه المنصات والاستعداد لترحيل بعض الشخصيات القيادية من هذه المعارضة، وهو ما كان ينبغي أن يشكل درسا قاسيا لهم، ويجعلهم ينتبهون أخيرا لخطورة المسار الذي تورطوا فيه، كان ينبغي لهم أن يتذكروا أخيرا أن السعي في خراب الوطن ليس معارضة، وأن الهجوم عليه والتقليل من شأنه لا يمكن أن يكون نضالا، فمن أمرهم بمهاجمة وطنهم ووفر لهم في سبيل ذلك كل الإمكانيات، هو ذاته من يخبرهم أن بلدهم مهم للغاية وعداؤه خسارة فادحة لا يستطيع تحملها، وفي سبيل التصالح معه مستعد لطردهم، لكن الأغرب كان هو حجم قبولهم ورضاهم للتضحية من أجل البلد الذي استخدمهم!، دون أن يتذكروا أن مصلحة بلدهم أولى بالتضحية على افتراض أنهم محقون في مظالمهم. في السنة الماضية كان أملهم معقودا على جائحة كورونا، كل حساباتهم بنيت على أن تُلحق كورونا بمصر كارثة صحية، توقعوا وفايات يومية بالآلاف وانتشار الجثث في الشوارع، لكن وبفضل الله كانت مصر من أقل الدول تضررا من أزمة كورونا، وحفظ الله أهلها واقتصادها من آثار الجائحة العالمية. بعدها عاد المعارضون لانتظار فرجهم القريب، الفرج الذي يشحذون له جمهورهم وتنتظره وسائل إعلامهم بشغف منذ سنوات، حتى إن إحدى قنواتهم وضعت عدا تنازليا له، هذا الفرج ليس إلا سد النهضة!، نعم ينتظرون بفارغ الصبر أن يؤدي اكتمال سد النهضة إلى أزمة مائية في مصر، ينتظر هؤلاء «المعارضون» أن يعطش شعبهم وتبور أرضهم!. هي حالة ضلال سياسي تعيشها المعارضة المصرية في الخارج ولا أمل في شفائها منها قريبا، لكنها أيضا ليست الوحيدة في ذلك، فما يسمى المعارضة السعودية في الخارج تقدم هي الأخرى مثالا لا يقل ضلالا، دعم علني لمليشيا الحوثي التي تستهدف المملكة العربية السعودية بصواريخ تستهدف المنشآت المدنية، بل والدفاع عن موقف تلك المليشيا لدى المنظمات الغربية، أما أكبر ضجة أحدثتها «المعارضة» السعودية إعلاميا في السنوات الأخيرة فقد سجلتها حين ظهرت بعض الحشرات في الحرم المكي!. ومع أن ما سبق لا يعدو كونه أمثلة قليلة فإنه يظهر بوضوح مدى الانحراف الذي أصاب فكرة «المعارضة» في العالم العربي، لقد حول هذا الانحراف المعارضين بكل سهولة إلى أدوات رخيصة يتم استخدامها في خصومات لا علاقة لها بأي قيم سياسية أو حتى إيديولوجية، بل هي صراع مصالح اقتصادية محضة.