يصنفها النحويون على أنها ضمائر، فإن (هم) ضمير يختص بالغائب، و (نحن) ضمير للمتكلم. وليس المراد هنا تقديم درس في أحد أبواب اللغة العربية، بل إن هذه الضمائر تمثل واقع أكثر أفراد المجتمع في كلامهم ونقاشهم عن تلك الضمائر. نعم تشتاق النفس لكل قديم وخصوصاً ما كان جميلاً فنستخدم ضمير (هم) للأجيال السابقة من الآباء والأجداد والأمهات، فيوصف ذلك الجيل بأحسن الصفات من طيب في التعامل وهمة قوية، وعزم أبيّ، وغيرها من العبارات الجميلة التي يتمنى كل من سمعها أنه كان من ذلك الماضي الجميل. نعم لا أختلف عنكم في أن الزمن الماضي كان جميلاً بأهله وبساطتهم وحدث ولا حرج عن جمال ذلك الزمان وأهله الذين حفظوا الفضائل وعملوا بها، فكان جيل الطيبين. وفي المقابل نجد ضمير (نحن) الذي هو للمتكلم، وهو يختص بالحديث عن هذه المدة الزمنية للمجتمع والعادات وكل ما يخص الجيل في هذه المدة. فأنت تسمع من البعض جلد الذات، ونسف الإنجازات، وتخوين البعض للبعض، والحسرة على قلة الناصح والمصلح والأمين وغيرها من الشتائم لحاضرهم دون خجل. وما بقي غير ضمير الغائب (هم) الذي أعدُّه هنا يتحدث عن غائب حاضر من الجيل الذي نعدُّه مستقبل الوطن والمجتمع. ولكن أعتقد أن البعض من الذين ينسبون لضمير (نحن) متفقون على نظرة تشاؤمية لذلك المستقبل، وتلك النظرة نحو شباب المستقبل لا تملك الدليل الذي يُثبت كل هذا الخوف والتشاؤم، بل ربما تُفقد الهمة ، وتضع العقبات، وتخلق التناقضات، في مستقبل الأبناء والبنات. ومن هنا لا بد للجميع أن لا ينشغل بكثرة التحسُّر على ماضٍ جميل هو من صِناعة أهله، فيقتل الطموح بكثرة البكاء على زمن رسم بعضنا جماله ولامس أطرافه. وكذلك يجب أن نترك ونتجنب كل تصرف وقول يشوه الحاضر وينتقص المستقبل. ولعل أوجب ما نقوم به هو خلق حاضر ينافس جيل الطيبين في بساطتهم وعزمهم وهمتهم. عسى أن نترك الأثر الطيب لأبناء المستقبل فبه يفتخرون ومنه ويقتبسون. وأخيراً الفضائل همة وقدوة وتعامل، لا أحلام وأوهام وأفكار.