في عالم كورونا .. هواء .. هواء.. أُريدُ مزيداً من الهواء. آن لروحي أنْ تُحلِّق في فضاء الله ، فالأرضُ تبتعد ، والسماءُ تَفتحُ أبوابها ، فأشكُرُ اللهَ على أنني أتممتُ واجبي ، فأنا الآن في قلب الغِبطة ، فيا سادة أنا في طريقي إلى الله. اليوم أملكُ من القوَّة ما يكفي لتحريك القلم ، وغداً سفري فلا أملك تلك القوَّة ؛ لأنني لا أستطيع التعبير عن سهولة الموت ولذَّته. لقد حان وقتُ الرحيل ، وبدت الأشياء كما هي ، واللُّغزُ بدأت خيوطه تتكشَّف ، فلا أمل بعد الآن ، أمري قد انتهى ، فسلامٌ على أولادي وأصدقائي. نعم. قد انتهيت ، اسدلوا الستار ، فقد انتهت مسرحية الدنيا ، وبدأت أفلامُ الآخرة. لكل شيءٍ نهايته ، وكل الأمور تتجه إلى نهايتها ، ولابُدَّ من وضع النهاية نُصب أعيننا ، فما دامت النهاية حسنة ، فكُل شيءٍ على ما يرام ، والأهم ..أنَّ مزرعتنا في الدنيا ، سوف تجني ثمرها في الآخرة .. فأحلى الأوقات ، هو وقت تجني فيه ثمرات عطائك . أشكُر الله على أنني أتممتُ واجبي على أكمل وجه ، قبل أنْ تنطفئ الأنوار ، فكُنتُ مُنتصراً ، لكنني هُزِمتُ بالموت ، وتلك طبيعةُ الأقدار ، على جميع الخلائق. مولاي أسلمتُك روحي ، فأُوصيك بها ، وقد أنجزتُ القليل في دُنيا فانية ، وبقي لي الكثير في آخرة باقية. الموتُ طارقُ لكل أبواب الأكواخ والقصور ، سواءٌ أبطأ ، أم جاء سريعاً ، فإنهُ سيأتي لا محالة. من السعادة أنْ تكون راغباً في الموت ويأتي ، ومن الشرور أنْ تكون راغباً فيه ولا تستطيع! حياتنا عبور ، في أنفاقٍ مُظلمة ، وهي كذلك في أنفاق مُضيئة ، الفارق بينهُما .. عملك الصالح ، الذي سيُضيئُ ظُلمة أنفاقك عند العبور بين حياتين ، دُنيا زائلة ، وآخرة باقية. قال الشاعر: وما الموتُ إلَّا سارِقٌ دقَّ شخصُهُ ..... يَصُولُ بِلا كَفٍّ ويسعى بِلا رِجْلِ!