167 ألفا مخالفات المنشآت لحماية الأجور    تداول يعوض خسارته ويرتفع 204 نقاط    8% نموا في الإيرادات السعودية غير النفطية    الأهلي يتعادل إيجابياً مع الدحيل القطري في نخبة آسيا    9 بنود في خطة ترمب لإنهاء حرب غزة    الانتماء الوطني والمواطنة: ركيزتان لبناء المجتمع وترسيخ الهوية    الهلال يتغلّب على ناساف الأوزبكي بثلاثية في دوري أبطال آسيا للنخبة    الشورى لبنك التنمية الاجتماعية: استثمروا في التمويل الجماعي    7 موضوعات ملهمة تعزز الوعي والتحصين بجازان    81 مليار ريال استثمارات السعودية في البنية التحتية الثقافية    لا للتهجير أو الاحتلال.. البيت الأبيض ينشر خطة ترمب لإنهاء الحرب في غزة    جمعية رعاية ا الأيتام بنجران تحتفل مع أبنائها الأيتام في برنامج عناية باليوم الوطني 95    وزير الصناعة والثروة المعدنية يبحث تعزيز التعاون الصناعي مع نظيره الفيتنامي    بحضور الأمراء.. نائب أمير مكة يشارك في صلاة الميت على الأميرة عبطا بنت عبدالعزيز    فضيلة المستشار الشرعي بجازان يلقي كلمة ضمن برنامج تماسك في الكلية التقنية بصامطة    232 مليار ريال استثمارات تجعل المملكة نموذجًا عالميًا في استدامة المياه    الاتحاد يرد على تقارير رحيل بنزيما    الهلال يتفوق على ناساف في الأسيوية    معرض الرياض الدولي للكتاب.. من فعالية ثقافية إلى محطة محورية لعشاق النشر والقراءة    نائب أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية السودان    إجازة لستة أيام ومباراة ودية للفتح خلال فترة التوقف الدولي    محافظ صبيا يكرم مدير مكتب التعليم بمناسبة انتهاء فترة عمله    قاعدة الملك عبدالعزيز الجوية بالظهران تنظم معرضًا أرضيًا للطائرات    طالب الطب الصعيري يكتشف خطاً علمياً في أحد أبرز المراجع الطبية العالمية بتخصص الجراحة    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد المنطقة الشرقية بمناسبة تكليفه    بلدية الظهران تطلق مبادرة "ظلهم علينا" بالتعاون مع جمعية هداية    "سعود الطبية" تنظّم ملتقى "صوت المستفيد يقود التغيير"    أمير الرياض يستقبل نائب وزير الحرس الوطني    مفردات من قلب الجنوب 22    الهيئة السعودية للتخصصات السعودية تعتمد برنامج طب التخدير في تجمع تبوك الصحي    محافظة الفرشة بتهامة قحطان تحتفل باليوم الوطني 95 وسط حضور جماهيري واسع    وزارة الرياضة تصدر بيانًا حول أحداث مباراة العروبة والقادسية في كأس الملك    انخفاض أسعار النفط    «هيئة الشورى» تحيل 20 موضوعاً للجان المتخصصة    خلال مشاركته في المؤتمر السعودي للقانون.. وزير العدل: التشريع في المملكة يرتكز على الوضوح والمشاركة المجتمعية    طهران توعدت برد حازم ومناسب.. إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران يشعل التوتر    ترحيب دولي باعتراف سان مارينو بدولة فلسطين    حائل تستضيف كأس الاتحاد السعودي للهجن للمرة الأولى    محطماً رقم رونالدو وهالاند.. كين أسرع لاعب يصل للمئوية    عسير: فرع هيئة الصحفيين ينظّم ندوة "الخطاب الإعلامي للوطن؛ بين ترسيخ الهوية وتعزيز القيم"    أحمد السقا ينجو من الموت بمعجزة    مخالفو الصيد البحري في قبضة الأمن    أول محمية ملكية سعودية ضمن برنامج اليونسكو    برعاية وزير الداخلية..30 دولة تشارك بمعرض «إنترسك»    أكد التزامها بالتنمية المستدامة.. وزير الخارجية: السعودية تترجم مبادئ ميثاق الأمم المتحدة لواقع ملموس    صالات النوادي والروائح المزعجة    ورقة إخلاء الطرف.. هل حياة المريض بلا قيمة؟    السودان: 14 مليار دولار خسائر القطاع الصحي بسبب الحرب    ترمب يجتمع بكبار القادة العسكريين    أكثر من 53 مليون قاصد للحرمين خلال ربيع الأول    نائب أمير الرياض يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    "الشؤون الإسلامية" تواصل جهودها التوعوية في الجعرانة    المتطوعون يشاركون في احتفالات أمانة الشرقية باليوم الوطني    السلامة الغذائية    تقنية البنات بالأحساء تطلق المسابقة الوطنية للأمن السيبراني    مزاد نادي الصقور السعودي 2025.. خدمات متكاملة تعزز الموروث وتدعم الطواريح    التحالف الإسلامي يطلق دورة تدريبية لتعزيز قدرات الكوادر اليمنية في مجال محاربة تمويل الإرهاب    الاهتمام بتطوير التجربة الإيمانية لضيوف الرحمن.. «الحج» : التنسيق مع ممثلي 60 دولة للموسم القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيرة ذاتية في القراءة

كنت أفكر في كتابة مقال بمناسبة اليوم العالمي للكتاب، وكنت أود أن أكتب شيئا عن تجربتي الذاتية في القراءة، لقناعتي بأن رواية السيرة الذاتية لا يكتبها العظماء فقط، بل نحن نشارك بعضنا بتجاربنا، فحتى تجاربنا الرديئة مفيدة للقارئ بقدر تجاربنا الجيدة. نحن نروي حياتنا وهويتنا التي تتشكل وفق تجاربنا الخاصة، هكذا أفهم رواية تجربتي الخاصة سواء في القراءة أو في غيرها، ثم طرأت لي فكرة أن أكتب عن تجربة مع كتاب محدد، وكنت الأسبوع الماضي قد انتهيت من قراءة كتاب (بسط التجربة النبوية) للمفكر الإيراني عبد الكريم سروش.
سأتحدث عن هذا الكتاب تحديدا، لأن قراءته تشكل تجربة جيدة بالنسبة لي. كما أن رواية التجربة هي في حد ذاتها تجربة أخرى مثيرة. عبد الكريم سروش يثير أسئلة بحجم الجبال، يخرجك من منطقتك الآمنة في التفكير، ويجعلك تفكر أكثر من مرة في أجوبتك المستقرة أو ربما الساذجة، ويشعرك بالانتعاش حين يطرح أسئلة كنت تفكر فيها، لم أود أن ينتهي المؤلف من عرض أفكاره، ربما ساعد على إقامة حوار داخلي ساخن مع الكتاب أن فصوله هي في أصلها مجموعة من المحاضرات التي ألقاها سروش في أزمنة متفرقة، لذلك كانت اللغة تستحضر السامع أكثر من القارئ، وبعيدة عن الإيغال في النظريات والمصطلحات، وكأنها تخاطب سامعا حاضرا أثناء كتابة الكلام.
لو سألني أحد ما عن الكتب التي أثرت في حياتك، لواجهت مشكلة عويصة في الإجابة، ذلك أن أكثر من يطرح هذا السؤال يريد معرفة من أين استقيت اعتقاداتي، وسيقوم بربط صارم بيني وبين الكتب التي سأذكرها، بينما في الواقع أنا ممتن لمجموعة من الكتب التي أثرت في حياتي.
كنت أفكر لو أنني أثنيت على الكتاب وأبديت إعجابي به، فإني أعلم جيدا أن الأسئلة التي ستوجه لي عن مدى قناعتي بأفكاره، وسأسمع جملا من نحو: (وماذا عن كلامه في هذا الموضوع؟ وفي ذلك السؤال؟ وماذا عن هذه الفكرة؟ هل توافق الكاتب في كلامه؟... الخ) من الأسئلة التي لن تنتهي التي تعني في جوهرها أنك إذا أثنيت على كتاب ما فهو لأنك توافقه في نتائجه، أو في أكثرها على الأقل، خصوصا أن كاتبا مثل سروش وكتابا مثل (بسط التجربة النبوية) مليء بالأفكار المثيرة للجدل، التي لا يقبلها الفكر الإسلامي السائد.
هل عليّ أن أكون متحفظا في إعجابي وثنائي على الكتاب، وأن أقول: إنني معجب بالكاتب وبكتابه، لكني لا أوافقه على آرائه، أو لا أوافقه على الآراء التالية، ثم أسردها وأتبرأ منها، أو أن أحدد تماما ما أعجبني فيه كأسلوبه وأسئلته، لكني أبدا لا أوافقه على آرائه.. لماذا يشعر كاتب المقالات في كثير من الأحيان بأنه في مجتمع فضائحي، يتربص الزلة منه حتى يصطاده بعد طول ترقب؟ لماذا لا نستطيع أن نكتب بعفوية ونعتقد أن المجتمع سيحسن الظن فينا؟!
أظن أن جزءا رئيسا من المشكلة يكمن في مفهومنا عن القراءة، فمفهومنا أنني أقرأ من أجل أن أقتنع بفكرة ما، وبعد انتهائي من الكتاب يجب أن أقرر إذا ما كنت موافقا على نتائج الكتاب أم لا، وبالتالي يصبح تقييمي للكتاب بناء على موافقتي لنتائجه أو معارضتي إياها، لكني لا أرى الموضوع بهذه الطريقة، لا تجذبني نتائج الكاتب بقدر ما تجذبني عقليته وطريقة تناوله الأفكار، وصياغته السؤال وعرضه المشكلة، وكل كاتب يروي لنا سيرته الذاتية بشكل أو بآخر، هو يروي معاناته وقلقه وشغفه، وتقلباته ورؤيته لذاته وللوجود.
لو سألني أحد ما عن الكتب التي أثرت في حياتك، لواجهت مشكلة عويصة في الإجابة، ذلك أن أكثر من يطرح هذا السؤال يريد معرفة من أين استقيت اعتقاداتي، وسيقوم بربط صارم بيني وبين الكتب التي سأذكرها، بينما في الواقع أنا ممتن لمجموعة من الكتب التي أثرت في حياتي، في حين أنها ليست موافقة لأفكاري، لكني لا أستطيع إقناع الناس بذلك حتى يغيروا رأيهم في القراءة.
أحد الأسئلة المقلقة لبعض القراء ستكون عن سروش نفسه، من هو؟ وربما السؤال الملح سيكون عن كونه سنيا أو شيعيا، وإذا كان شيعيا فكيف يقرأ سني لمفكر شيعي يكتب عن الفكر الإسلامي.. الخ. من الأسئلة التي أعتقد أنها أفقدتنا الحس التأويلي لما نقرأ، لذلك لا يمكن أن تجتمع الحرية الفكرية مع الطائفية. الطائفية تعني إقامة جدران عازلة بين الأنساق الفكرية، فعليك أن تقرر في أي جانب أنت، فإذا كنت في جانبنا فعليك أن تكون مدافعا عنا، وأن ترد على كتابات الآخرين، وداخل أسوار كل طائفة تتم المزايدة على التبرؤ والرد على كل ما هو خارج أسوارها.
من المناسب هنا أن يكون سروش مثالا جيدا للتخلص من هذه الطائفية، فهو يتحدث عن الفكر الإسلامي برحابته ومن وجهة نظره، ويستشهد بمفكرين سنة. كما يستشهد بآخرين شيعة، بشكل منصف ويثير الإعجاب في رأيي.
في الختام لن أقول: إني معجب بجانب دون آخر، لأن ذلك تبرير لا أحبه، ولأن الكتاب قطعة واحدة. فالكاتب الذي يستفزني هو الأقرب إلى عقلي وقلبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.