سعود بن نايف يطلق منتدى الصناعة السعودي SIF الاسبوع المقبل    وكيل محافظة القطيف أحمد القباع يشكر القيادة على ترقيته إلى المرتبة الثالثة عشرة    جدة تستضيف المؤتمر الآسيوي التاسع عشر للموهبة والابداع 2026    القبض على 5 مواطنين لترويجهم الأفيون المخدر و 8,412 قرصًا من الامفيتامين المخدر و 4 كيلوجرامات من الحشيش بتبوك    من أعلام جازان.. معالي الدكتور إبراهيم يحي عطيف    كيف تعيد الرؤية الاستراتيجية رسم ملامح قطاع تجارة التجزئة للمستلزمات الرياضية في الشرق الأوسط    أكثر من 700 موقع أثري جديد لسجل الآثار الوطني    ريفر بليت الأرجنتيني يستهل مشواره في كأس العالم للأندية بفوزه على أوراوا الياباني    الذهب يستقر عند 3388.04 دولار للأوقية    صن داونز الجنوب أفريقي يهزم أولسان الكوري بهدف بكأس العالم للأندية    اعتماد نهائي لملف الاستضافة.. السعودية تتسلم علم «إكسبو 2030 الرياض»    في بطولة كأس العالم للأندية.. الهلال يستهل المشوار بقمة مرتقبة أمام ريال مدريد    الروح قبل الجسد.. لماذا يجب أن نعيد النظر في علاقتنا النفسية بالرياضة؟    النصر يسعى للتعاقد مع مدافع فرانكفورت    فتح باب التقديم على برنامج الابتعاث "مسار التوحد"    ملك الأردن: هجمات إسرائيل على إيران تهدد العالم    إغلاق التسجيل في النقل المدرسي في 10 يوليو    "الأرصاد": "غبرة" في عدة مناطق حتى نهاية الأسبوع    اختبارات اليوم الدراسيّ.. رؤية واعدة تواجه تحديات التنفيذ    أدانت التهجير القسري والتوسع الاستيطاني في فلسطين.. السعودية تدعو لوقف الانتهاكات الإسرائيلية بالمنطقة    تبادل ناري مستمر بين طهران وتل أبيب.. صواريخ «لا ترى».. ومفاجآت قادمة    الجدعان: المملكة تتعاون للقضاء على فقر الطاقة في العالم    هيئة الأزياء تكشف الإبداع السعودي في الساحة العالمية    إنشاء مركز دراسات يعنى بالخيل العربية    صورة بألف معنى.. ومواقف انسانية تذكر فتشكر    "الحج" تنهي تسليم نموذج التوعية لمكاتب شؤون الحجاج    بتوجيه من خالد الفيصل.. نائب أمير مكة يناقش خطوات التحضير المبكر للحج    مركب في القهوة والأرز يقلل الإصابة بالنوبات القلبية    22 ألف عملية توثيقية لكتابة العدل خلال العيد    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الخريصي في منزله    نائب أمير الرياض يستقبل مديري «الشؤون الإسلامية» و«الصحة» و«الموارد البشرية»    الجهود الإغاثية السعودية تتواصل في سورية واليمن    الهلال.. في أميركا    القطار أم الطائرة؟    «الشؤون الدينية» تقيم دورة علمية بالمسجد الحرام    مكان المادة المفقودة في الكون    ثورة في صنع أجهزة موفرة للطاقة    وظيفتك والذكاء الاصطناعي 4 أساسيات تحسم الجواب    مظلات المسجد النبوي.. بيئة آمنة ومريحة للمصلين    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالصحافة يضع حداً لمعاناة «ستيني» مصاب بجلطة دماغية وأخرى بالشريان الأورطي    القصيم الصحي يجدد اعتماد «سباهي» لثلاثة مراكز    إعادة شباب عضلات كبار السن    المملكة تشارك في معرض بكين الدولي للكتاب    تداول يعاود الانخفاض ويخسر 153 نقطة    ترمب يعقد اجتماعا لمجلس الأمن القومي الأميركي بشأن إيران    قرعة كأس السوبر السعودي تُسحب الخميس المقبل    محافظ الطائف يزور المفتي العام للمملكة..    تدشين بوابة خدماتي العدلية    أمير القصيم ونائبه يستقبلان المهنئين بالعيد    أمير الشمالية يدشّن جمعية الابتكار والإبداع    العوامية الخيرية تدشّن هويتها البصرية الجديدة    رئيس الاتحاد الآسيوي: نثق في قدرة ممثلي القارة على تقديم أداء مميز في كأس العالم للأندية    نجاح المبادرة التطوعية لجمعية تكامل الصحية وأضواء الخير في خدمة حجاج بيت الله الحرام    "متحف السيرة النبوية" يثري تجربة ضيوف الرحمن    " الحرس الملكي" يحتفي بتخريج دورات للكادر النسائي    علماء روس يتمكنون من سد الفجوات في بنية الحمض النووي    أمير تبوك يعزي الشيخ عبدالله الضيوفي في وفاة شقيقه    أمير منطقة تبوك يكرم غداً المشاركين في أعمال الحج بمدينة الحجاج بمنفذ خاله عمار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو إطار مقترح لتنظيم العلاقة بين الإعلام وهيئة الأمر بالمعروف
نشر في أنباؤكم يوم 20 - 11 - 2010

عقد كرسي الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحسبة والتطبيقات المعاصرة ندوة آثر أن يطلق عليها مسمى:"العلاقة بين الإعلام والهيئة", تاركاً تحديد مسار هذه العلاقة مفتوحاً لمزيد من المطارحات الفكرية. ويبدو أن المسؤولين عن الكرسي أدركوا أن سماء تلك العلاقة ملبدة بالغيوم, ويعتورها الضباب, ويكسوها جلباب التوجس, لذلك آثروا تسمية الندوة بهذا الاسم المفتوح على كل الاحتمالات. ومن هذا المنطلق, حاولت الندوة التي عُقدت في رحاب جامعة الملك سعود(مقر الكرسي البحثي) في الثاني والعشرين من شهر ذي القعدة الماضي, إظهار ما أضمرته العلاقة بين الطرفين حيناً, أو أظهرته في لحن القول حيناً آخر, لمزيد من التعرية ومن ثم المناقشة.
ولقد أدرك المنظمون للندوة أن حاضر العلاقة بين الهيئة والإعلام لا يستبين إلا ببسط ما يعتمل في النفوس بسطاً لا يبالي بما قد يبتدره المجافي أو الموالي, ولذا فقد دعوا نخبة ممن بُسط لهم في سبر أغوار تلك العلاقة لعلهم يتمكنون من الاتفاق على حدود دنيا لما يجب أن تسير عليه العلاقة بين الطرفين. ضمت الندوة, إلى جانب ثلة من قياديي الهيئة والمشرف العام على كرسي الملك عبدالله للحسبة والدراسات المعاصرة, جمعاً من الإعلاميين: رؤساء تحرير ونواب رؤساء تحرير, ومدراء تحرير, وكتاب صحفيين, وأساتذة إعلام.
ولقد قدر لي أن أحضر الندوة ممثلاً لهذه الجريدة(=جريدة الرياض),مستمعاً ومناقشاً ومداخلاً, مما أتاح لي فرصة تقحم منصة الخطابة مستعرضاً ما أحسبه إطاراً صالحاً لاقتراح نموذج علائقي يأخذ باعتباره الممكن وغير الممكن مما هو منوط بالهيئة القيام به. إطاراً كنت أحسبه- لفرط تفاؤلي- هيناً فإذا هو عند من يعنيهم أمر تلك العلاقة, خاصة من جانب منسوبي الهيئة, عظيم لا يمكن الاقتراب من حماه!.
لذلك- بل وبسبب من ذلك- رأيت أن أخصص هذه المقالة لاستعراض معالم ذلك الإطار الذي اقترحته كمنظم للعلاقة بين الإعلام والهيئة, والذي لم يُؤخذ به في توصيات الندوة, وأنى له ذلك!. لكن قبل الدخول في لجة ذلك الإطار,أجد لزاماً عليَّ الإشادة بروعة التعامل الذي أبداه كل من منسوبي الهيئة و كرسي الملك عبدالله للحسبة والدراسات المعاصرة, والذين كانوا في قمة خلقهم وأدبهم وسعة أفقهم للنقد الذي شنه بعض منسوبي فريق الإعلام المشارك في الندوة, وهو نقد تجاوز في بعض أطره ما هو جار في واقع ميدان عمل الهيئة, إلى صرف الأنظار نحو ممارسات مدَّعاة, هدفها؛ إظهار جهاز الهيئة وكأنه نغمة نشاز بين منظومة العمل الحكومي في المملكة. ورغم ذلك, لم يسمح فريق الهيئة لأنفسهم بأن يُستدرجوا إلى جر أعمال الندوة لصدام لفظي ومماحكات سفسطائية كانت ستخرج بها عن هدفها الرئيس الذي قصده المسؤولون عن الكرسي.
لقد تبين لي من خلال أعمال الندوة, سواءً من خلال ورقتي العمل الرئيستين المقدمتين من كل من الإعلام والهيئة, أو مما حف بهما من ردود ومناقشات ومداخلات, أن مصدر تأزم العلاقة بين الإعلام والهيئة- أوهو على الأقل- أحد أبرز مصادرها, آتٍ من الغموض الذي يكتنف دور الهيئة في إنكار المنكر. فالإعلام لا يعرف بالضبط ما هي حدود "المنكرات" التي على الهيئة أن تحتسب عليها, والهيئة من جانبها لا ترضى من الغنيمة بمجرد الإياب, بل تريد من الإعلام, وقبلهم كل الراصدين لمجال عملها, أن لا يتصدوا بالتساؤل أو النقد عما يمكن لها أن تتقحمه في سبيل إنكارها للمنكرات. وهذا- في تقديري- منشأ النزاع ومؤذن الشقاق, وهو- أو هكذا يفترض- السبب في إقامة الندوة,استهدافاً لاكتشاف مظنة الخلاف بين الطرفين, ومن ثم العمل على ردم هوته.
الدور الرئيس المنوط بالهيئة, وفقاً للمادة التاسعة من نظامها الصادر في عام 1400ه، يكمن في"إرشاد الناس ونُصحِهم لاتباع الواجِبات الدينية المُقرَّرة في الشريعة الإسلامية وحمل الناس على أدائها، وكذلك النهي عن المُنكر بما يحول دون ارتِكاب المُحرمات والممنوعات شرعاً, أو اتِباع العادات والتقاليد السيئة أو البدع المُنكرة". والأمر بالمعروف لا يثير- بطبيعته- إشكالات كالتي يثيرها النهي عن المنكر, على اعتبار أن كل مباح معروف. ومع ذلك, فقد احتوت الفقرة(أولاً) من المادة الأولى من الباب الأول من اللائحة التنفيذية للهيئة على نماذج للمعروف الذي يجب على الهيئة القيام به من قبيل" حث الناس على التمسك بأركان الدين الحنيف من صلاة, وزكاة, وصوم, وحج, وعلى التحلي بآدابه الكريمة, ودعوتهم إلى فضائل الأعمال المقررة شرعاً كالصدق والإخلاص, والوفاء بالعهد، وأداء الأمانات, وبر الوالدين، وصلة الأرحام، ومراعاة حقوق الجار, والإحسان إلى الفقراء والمحتاجين، ومساعدة العجزة والضعفاء، وتذكير الناس بحساب اليوم الآخر, وأن من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها.", وهي نماذج لم تعد من المفكر فيه بالنسبة لعمل الهيئة!.
هنا لا مناص من القول إن النزاع والشقاق لا يتخلق إلا في ساحة المنكر, وذلك لصعوبة تحديد المنكر أو المنكرات التي يجب على الهيئة الاحتساب عليها من منطلق قانوني محدد,أو من منطلق شرعي مقطوع به. ذلك أنه فيما عدا ما نصت عليه الفقرة الثانية والثالثة من المادة السابقة من منكرات ألزمت اللائحة الهيئة الاحتساب عليها,فإن المنكر بقي في ساحة الهيئة فضفاضاً لا ضوابط له ولا علامات أو محددات. وبالتالي يمكن القول إن احتساب الهيئة على "المنكرات" لم يعد محصوراً بما نُص عليه في النظام واللائحة, ولو كان الأمر كذلك لما كان ثمة حاجة لتحرير النزاع بين الهيئة وبين من يرصدون آليات احتسابها على المنكرات, لأنه لن يكون هناك نزاع من الأساس.
الإطار الذي اقترحته أثناء الندوة ولم يلق من المشاركين آذاناً صاغية, يتعلق بتحديد المهمات التي يجب على الهيئة مباشرتها ضمن معطيات جانبين اثنين, هما:
أولاً، جانب المنكرات المحددة في نظامها الأساسي ولائحته التنفيذية. فللهيئة حق الاحتساب على تلك المنكرات, حتى وإن كانت لا تدخل في المنكرات من الناحية الشرعية البحتة, وليس للإعلام حينها حق لومها أو نقدها حال احتسابها عليها. والمجال الذي يمكن للإعلام توجيه نقده إليه ينحصر في النظام أو اللائحة إذا رأى أن ثمة حاجة لذلك. ومثال ذلك ما نصت عليه الفقرة( ثانياً) من المادة السابقة من أنه" لما كانت الصلاة هي عمود الدين, وسنامه، فيتعين على أعضاء الهيئة مراقبة إقامتها في أوقاتها المحددة شرعاً في المساجد, وحث الناس على المسارعة إلى تلبية النداء إليها, وعليهم التأكد من إغلاق المتاجر, والحوانيت, وعدم مزاولة أعمال البيع خلال أوقات إقامتها", ومن المعلوم لمن لديه إلمام بالفقه أن صلاة الجماعة ليست واجبة, والذين يقولون بوجوبها لا يشترطون إقامتها في المساجد, وأن أشد ما يمكن أن يقال في حكمها ما قرره الإمام النووي في المجموع من أنها"فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين", وأن لا سند شرعياً مقطوعاً به يلزم بإغلاق المتاجر وقت الصلاة, ومع ذلك فما دام أن اللائحة التنفيذية لنظام الهيئة قد نصت على أن على الهيئة الاحتساب على هذين الأمرين, الأمر الذي يدخلهما في باب السياسة الشرعية لا باب الشرع, فلها أن تقوم به في كل حين وآن, وليس للإعلام فضلاً عن غيره أن ينتقدها جراء احتسابها على ما هو من صميم مسؤولياتها.
ثانياً، جانب قطعيات الشريعة الإسلامية, فكل منكر مقطوع به في الشريعة الإسلامية قطعاً لا تختلف بشأنه كافة فرق المسلمين, فللهيئة حق الاحتساب عليه وإن لم يُنص عليه في نظامها أو في لائحتها التنفيذية, وليس للإعلام حق توجيه النقد إليها حال احتسابها على مثل تلك المنكرات.
أما ما هو خارج هذين الجانبين وهو ميدان فسيح جدا, فليس للهيئة أو هكذا يفترض حق الاحتساب عليه. مثلما أن للإعلام حق- بل من واجبه- نقد الهيئة إن هي احتسبت عليه.
لم يكن لهذا المقترح أن يرى النور, سواء ضمن توصيات الندوة أو ضمن محاور النقاش, ذلك أنه يحصر مهمات الهيئة في إطار ضيق ربما ترى- أعني الهيئة- أنه يقلص مساحة وجودها إلى حد غير مقبول بالنسبة لها, رغم أنه يحد من كثير من منازع الشقاق الذي تهب عواصفه بين الحين والآخر بين الهيئة وبين البرمين من توسع مساحات احتسابها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.