في خطوة جديدة تعكس عمق الانقسام السياسي والمؤسساتي في ليبيا، تعرقلت مشاركة عدد من نواب البرلمان الليبي عن المنطقة الغربية في الجلسة العامة، التي كان من المقرر عقدها، الاثنين، بمدينة بنغازي، لمناقشة قانون الميزانية المقترحة للعام الجاري، وسط اتهامات مباشرة من قيادات برلمانية ل"مصلحة الطيران المدني" بمنع سفر النواب من العاصمة طرابلس. النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، مصباح دومة، قال في بيان رسمي:" إن سلطات الطيران المدني بمطار معيتيقة" منعت عدداً من النواب من الصعود إلى الطائرة والتوجه إلى بنغازي للمشاركة في الجلسة، واصفاً ما جرى بأنه"انتهاك واضح للدستور وتقويض للعمل البرلماني". ودعا دومة النائب العام إلى فتح تحقيق فوري ومحاسبة المتسببين، مطالباً الجهات المعنية بتسهيل الإجراءات الكفيلة بضمان حرية حركة النواب وممارسة مهامهم التشريعية دون تدخلات سياسية أو إدارية. الجلسة، التي كان من المقرر أن يناقش فيها النواب الميزانية المقترحة من حكومة الاستقرار برئاسة أسامة حماد، تعد واحدة من أبرز القضايا العالقة التي تشهد جدلاً واسعاً في ليبيا، في ظل أوضاع اقتصادية خانقة ومطالبات داخلية وخارجية بتوحيد الإنفاق العام. ويرى مراقبون أن حجم الميزانية المقترحة، في ظل الانقسام المالي بين الشرق والغرب، قد يزيد من حدة التوترات، خصوصاً مع غياب رقابة موحدة وآليات شفافة للتنفيذ والتدقيق. حادثة منع النواب تضع علامات استفهام جديدة حول مستقبل المسار السياسي في البلاد، وتبرز هشاشة الثقة بين مكونات السلطة، في وقت تسعى فيه الأممالمتحدة ودول إقليمية إلى الدفع باتجاه تسوية سياسية شاملة تسبق إجراء الانتخابات. ويرى مراقبون أن الأزمة الحالية تمثل تجسيداً حيّاً للفشل في بناء مؤسسات موحدة، وتعكس الصراع الخفي بين مراكز النفوذ في غرب وشرق ليبيا، ليس فقط على السلطة، بل على التحكم في المال العام وإدارته. تأتي هذه التطورات في وقت تتصاعد فيه الدعوات لضمان استقلالية البرلمان وتحييده عن التجاذبات السياسية، وسط تخوّف من أن تؤدي مثل هذه العراقيل إلى تقويض العمل التشريعي، وتعطيل ملفات حيوية مثل الميزانية وتوحيد المؤسسات السيادية.