قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني -في خطبة الجمعة-: إن من نعم الله على خلقه أن هداهم وأرشدهم إلى الإيمان به وامتنّ عليهم بذلك، قال تعالى: «يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ»، موضحًا أن الإيمان بالله تعالى هو التصديق والاعتقاد الجازم بأن الله هو رب كل شيء ومليكه، وخالقه ومدبره، وأنه وحده الذي يستحق العبادة، من صلاة وصوم ودعاء ورجاء، وخوف وذل وخضوع، وأنه المتصف بصفات الكمال كلها، المنزّه عن كل عيب ونقص. وأضاف أن الإيمان ليس بالتحلي، ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب، وصدقته الأعمال، وهو قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالجوارح والأركان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، والإيمان بالله سبحانه وتعالى رأس كل فلاح، فما أنزلت الكتب ولا أرسلت الرسل إلا لأجل تقريره، وتثبيته في النفوس فهو أصل الأصول وأول ركن من أركان الإيمان الستة. وتابع: الإيمان بالله منحة ربانية ونعمة عظيمة جليلة في حياة المسلم، نعمة تزكي العمر وتبارك الحياة، وتضمن الآخرة، وترفع صاحبها في الدنيا والآخرة، لأن فيها الحياة الحقيقية والسعادة الأخروية، وهذه النعمة لا يعرفها إلاّ من ذاق طعمها، ولا يحس بها إلاّ من عاشها، وهو نور هادٍ مضيء يهبه الله تعالى لمن يشاء من عباده، ويصرفه عمن يشاء. وذكر أن الإيمان الصادق الرباني هو أساس كل خير ومنبع العزة ومصدر الكرامة والشرف والسيادة يعيش صاحبه عزيزًا سعيدًا قويًا ثابتًا على طريق الحق، مبيناً أن حكمة الله تعالى اقتضت أن جعل هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالله، وأمرهم سبحانه بالعمل الصالح: «وَاعْمَلُوا صالحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ». وأوضح أن الإيمان بالله سبحانه وتعالى والعمل الصالح دواء الروح وغذاء القلب، الذي متى استقر في القلب عاد على صاحبه بكل خير في الدنيا والآخرة، وهو طوق النجاة الذي يحتمي به العبد أمام أمواج الشهوات والشبهات والفتن العاتية، مؤكداً على أن الإيمان بالله عز وجل يبعث في قلب المؤمن الرضا عن الله عز وجل في كل أحواله، وشعور العبد المؤمن بالرضا عن خالقه هو أول سبب من أسباب السكينة النفسية التي هي جوهر السعادة، فبرضا الإنسان عن نفسه وعما كتبه الله له يطمئن إلى حاضره، وبيقينه بالآخرة والجزاء العادل يطمئن إلى مستقبله، ومعنى ذلك أن المؤمن لا يتحسر على الماضي باكيًا حزينًا، ولا يعيش الحاضر ساخطًا، ولا يواجه المستقبل خائفًا.