استعرض الباحث والمؤرخ الدكتور فؤاد المغامسي الجوانب الطبيعية والعسكرية التي شكّلت حصانة المدينةالمنورة عبر التاريخ، وذلك خلال ندوة حوارية بعنوان "تحصينات المدينة بين العمارة والتاريخ"، أُقيمت ضمن البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض المدينةالمنورة للكتاب 2025، الذي تنظّمه هيئة الأدب والنشر والترجمة. وتحدث المغامسي عن تفرّد المدينةالمنورة بتحصينات طبيعية لا تزال آثارها ماثلة إلى اليوم، موضحًا أن من يمر بين دروب المدينة وأزقتها يلمس بوضوح أثر هذه التحصينات، مؤكدًا أن العمران المديني جزء لا يتجزأ من الهوية التاريخية المتجذرة للمدينة، ذات الأبعاد الروحية والعمرانية التي تُورث في الذاكرة. واستعرض جذور الاستيطان الأول في طيبة، مشيرًا إلى أن أول من سكنها، بحسب بعض الروايات هو يثرب، أحد أحفاد نوح عليه السلام، قبل أن تتوزع فيها أربع قبائل، من أبرزها -كما يُروى- قباء، وسالم بن عوف، وعمرو بن عوف، وبنو الحارث. وبيّن أن النبي محمدًا -صلّى الله عليه وسلّم-، عند قدومه إلى المدينة، وحّد هذه القرى المتفرقة ضمن تخطيط عمراني متكامل، منحها شكلًا دائريًا مشعًّا "كقرص الشمس"، مشيرًا إلى أن حصانتها الجغرافية جعلتها بمنأى عن كثير من الغزوات والفتن. وقدّم المغامسي عرضًا بصريًّا تضمن مجموعة من الصور النادرة للمدينة المنورة في مطلع القرن الرابع عشر الهجري، متناولًا تكوينها الجيولوجي الفريد من جبال وحِرار، أبرزها: جبل أُحد، وجبل عَيْر، وجبل سَلْع، التي تُعدّ عناصر بارزة في تحصينها الطبيعي. وشمل العرض مشاهد من الأسواق القديمة، والقلاع، ونظام "الأحوشة"، الذي يُعدّ أحد أعمدة التخطيط الدفاعي، وسمة معمارية أصيلة في النسيج العمراني للمدينة.