يردد الإعلام المؤيد للاحتلال الإيراني للأرض السورية بأن السلطات الجديدة في مصر سوف تتخذ خطاً حيادياً فيما يتعلق بالأزمة السورية. ويحاول محللون أيضاً التمهيد لهذا الموقف المصري، والضغط على مصر ودفعها إلى الانشغال بنفسها والبعد عن الاهتمام بالشأن السوري. وشجعهم على ذلك قرار مصر إعادة فتح القنصليات السورية في مصر وتهليل نظام الأسد والآلة الإعلامية للاحتلال الإيراني لهذا القرار. وصرح وزير الخارجية المصري الجديد يوم أمس بأن السياسة المصرية الجديدة سوف تتخذ خطا وسطاً بين الأطراف في سوريا، وهذا يثير الكثير من الاسئلة. إذ أن حياد مصر في الأزمة السورية هو تماما ما تطمح إليه طهران وما توده واشنطن التي تدعم بقاء نظام الأسد بأسلوب غير مباشر، بتلكؤها المكشوف وتقاعسها عن الدعم الصادق والجاد لانتفاضة الشعب السوري، بهدف مد الأزمة السورية واعطاء الاحتلال الإيراني وقتاً كافياً لفرض أمره الواقع في سوريا وربما تقطيعها إلى معازل وكانتونات. والأزمة السورية أصبحت الآن واضحة وجلية فهي أزمة احتلال أجنبي إيراني لأرض عربية، مثل احتلال إسرائيل لفلسطين، وتحول نظام الأسد من سلطة في سوريا إلى ميليشيات في خدمة إيران ووكيل للإرادة الإيرانية في سوريا. وهو الآن ينفذ الأوامر الإيرانية ويخضع لسلطة ميلشيات طهران التي تنتهك سيادة سوريا وتدنس ثرى الشام الطاهر. وبعد أن أعلنت طهران حربها ضد العالم العربي واحتلت ميلشياتها وقواتها الأرض السورية، لا يبدو حياد أي بلد عربي موقفاً حصيفاً خاصة مصر التي عرفها العرب لا تساوم على الحقوق العربية ولا انتهاكات سيادات البلدان العربية، بل ان الشعب المصري، إلى الآن، يرفض التطبيع مع اسرائيل على الرغم من مرور عقود على اتفاقية السلام مع إسرائيل وعلى الرغم من المحاولات الإسرائيلية الأمريكية المستمرة والمستميتة لتطبيع الأوضاع بين مصر وإسرائيل بشتى الطرق والأساليب والتهديدات والاغراءات منذ عام 1979. لأن الشعب المصري يرفض الوقوف على الحياد فيما يتعلق بانتهاك سيادات الدول العربية وإعلان الحروب على الأمة العربية وهويتها وتاريخها. وهذا يعني أنه لا يمكن تصور أن الشعب المصري العظيم يفضل أن يقف على الحياد والتفرج على السوريين وهم يشوون بحرائق الاحتلال الإيراني، كما لا يمكن تخيل ألا يحرك المصريون ساكناً وهم يشاهدون القوات الإيرانية ووكلاءها في الشام ينفذون واحدة من أكبر حملات التطهير العرقي والطائفي ومحو الهوية العربية من بلاد الشام كما فعلوا في العراق حيث تتعرض الهوية العربية وكل ما هو عربي لمحو تدريجي بشتى الأساليب الترغيبية والترهيبية ومثل ما يحدث في سوريا من الاعدامات الميدانية إلى الاختطاف إلى ظلمات المعتقلات السرية أو رمي الجثث في الأنهار أو تلفيق الاتهامات والإجبار على الهجرة القسرية لاحلال اتباع طهران في المنازل والقرى والحقول العربية.