شهد لبنان خلال الأسابيع الماضية حركات مكوكية لمبعوثين روس وفرنسيين، تمحورت حول ضرورة انقاذ الاستحقاق الرئاسي، الا ان المفارقة أتت من زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني التي أتت لترسم أهدافاً أخرى لها، فلا الرئاسة ولا انقاذ مؤسسات الدولة في حسابات إيران، التي جلّ ما يهمها هو وجودها وامتداداتها وأطماعها التي تسعى للحصول عليها، عبر ذراعها في لبنان «حزب الله»، الذي اعتبره لاريجاني في تصريحاته من بيروت «أكثر فاعلية من دول بمؤسساتها»، فهذا يدفعنا للتأكيد أن جولة المسؤول الإيراني التي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة بحسب مصادر ل«اليوم». وفي هذا الإطار، أجمعت مواقف نيابية عبر «اليوم» على ان لاريجاني «جاء ليؤكد الاستراتيجية الخاصة بإيران وليؤكد الاصرار على تقسيم المنطقة والهروب الى الامام في السياسة الخاطئة لاستراتيجية إيران العسكرية والسياسية». «المستقبل» يرفض وعلق عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري في حديث خاص ل«اليوم» على كلام لاريجاني قائلاً: «لقد أصدرنا رداً واضحاً ككتلة «المستقبل» حول هذا الموضوع، طبعاً هذا الكلام مرفوض جملة وتفصيلاً، الدولة اللبنانية هي الأساس ونرفض أن يكون للدولة شريك بأي شكل من الأشكال، سواء أكان هذا الشريك اسمه «حزب الله» أو غيره»، موضحاً انها «ليست المرة الأولى التي يصرح بها السيد علي لاريجاني بهكذا مواقف، فهو من كان قد صرح سلفاً بأن أربع عواصم أصبحت تحت النفوذ الإيراني، وهو ما صرح سابقاً أن نفوذ إيران يصل الى الساحل اللبناني في صور، هذا موقف فيه كثير من الغرور الذي لا يفيد بشيء». تقسيم المنطقة أما النائب عن كتلة «الكتائب» اللبنانية فادي الهبر، فأشار في حديث خاص ل«اليوم» الى ان زيارة لاريجاني «جاءت لتؤكد الاستراتيجية الخاصة بإيران سواء كان بالنسبة الى فلسطين حيث اعتمدت «حماس»، وأعطوها السلام وكرسوا الكيان، وفي لبنان حينما أوجدوا «حزب الله»، ونوري المالكي في العراق والجيش الشيعي الذي قسم الجيش العراقي إلى مجموعات مقاتلة، الى جانب الجيش السوري والذي نسميهم اليوم جيش الاسد الشعبي»، واضعاً هذه الأمور تحت عنوان واحد «عسكرة الشعوب الشيعية، أي عسكرتها ضمن الإستراتجية الايرانية». وأوضح الهبر ان «مبدأ عسكرة الشعوب سواء أكان في العراق او في سوريا او عند «حماس» او «حزب الله» في لبنان قصم ظهر مؤسسات الدولة، وأصبحت حالة تقسيمية نشهدها عملياً في الجغرافيا في العراق، وتداعياتها من وجود «داعش» وغيرها من ردود الافعال وفي فلسطين، فهذا الانقسام الشعبي بين دولة فلسطين و«حماس»، وفي لبنان من خلال مسابقة «حزب الله» لمؤسسات الدولة وخاصة الجيش اللبناني، لهذا السبب هذه الاستراتجية فشلت لأنها كرست حالة الانقسام السياسي والعسكري وكانت الخطة التي قصمت ظهر البعير». وشدد على ان «هناك معادلة جديدة على مستوى تقوية الدولة المركزية سواء أكان في العراق، أو في سوريا، حيث ما زلنا في حالة حرب شعواء، أما في لبنان فحن لا نزال بانتظار تلاقي اللبنانيين حول حوار استراتجية دفاعية ووحدة لبنان والمؤسسات ووحدة الجيش اللبناني الذي يكون بانتهاء وجود جيوش ومربعات أمنية وردات فعل من مناطق اخرى»، مؤكداً ان «زيارة لاريجاني شكلت مفارقة غريبة، وجاءت لتؤكد على الاصرار على تقسيم المنطقة والهروب الى الامام في السياسة الخاطئة لاستراتجية ايران العسكرية والسياسية»، معتبراً ان «المشكلة هي في إصرار إيران وروسيا على تثبيت حكم بشار الاسد والحلول هي في الحل السياسي الذي هو عملية انتقال السلطة التي كانت بوادرها في جنيف 1». تسهيل عملية الانتخاب من جهته، رأى النائب عن «اللقاء الديموقراطي» انطوان سعد في حديث ل«اليوم» ان «الايرانيين يعتقدون أن لبنان يقع تحت سيطرتهم، نظراً الى تبعية «حزب الله» لهم واعتباره أهم من الدولة اللبنانية نتيجة الى الوضع الحالي وسيطرة سلاحه على عدد من المناطق التي تمنع القوى الأمنية من الدخول اليها». مشدداً على انه «لا يوجد أحد أهم من الدولة اللبنانية، وحينما تتحسن الظروف ستعود الدولة الى سابق عهدها، وستكون كل بقعة من لبنان تحت سيطرتها ضمن الدستور». ولفت الى ان «هنالك العديد من الزيارات السرية التي يقوم بها مسؤولون ايرانيون الى لبنان، فمنهم ايضاً من يعملون كمستشارين ل«حزب الله»، لهذا فهذه الزيارات لم تتوقف منذ نشأة هذا الحزب، أما من ناحية زيارات المبعوثين الروس والفرنسيين أعتقد ان زياراتهم تصب في اتجاه آخر وقد يكون معاكساً لأهداف زيارة لاريجاني»، معتبراً ان «زيارة المبعوثين تمحورت حول تسهيل عملية انتخاب رئيس للجمهورية، إضافة الى ان الحوار الذي يحصل بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» يصب في اتجاه تخفيف الاحتقان الحاصل بين السنة والشيعة، أما من ناحية المسائل العالقة كسلاح «حزب الله» وتورط «حزب الله» في سوريا والاستراتيجية الدفاعية وإعلان بعبدا فهذه الملفات ستتأجل لبعد انتخابات الرئاسة ولن يتم البحث بها الآن». امتداد استراتيجي وأكد النائب عن كتلة «القوات» اللبنانية النائب جوزيف المعلوف في حديث ل«اليوم» ان «كلام لاريجاني مسلسل مواقف اعتدنا عليها من القيادات الإيرانية سابقاً، حيث يعتبرون لبنان امتدادا استراتيجيا لهم، وإذا كان «حزب الله» يسيطر ولديه قبضة اليد على الكثير من مؤسسات الدولة، فهذا يعني أنهم يؤكدون أكثر امتدادهم الاستراتيجي في لبنان»، مشدداً على ان «هذا الكلام مرفوض بالمطلق وخصوصاً في ظل الظروف التي نمر بها اليوم، إضافة الى التغييرات التي تحصل شاء أم أبى لاريجاني أو النظام الإيراني، فلن يكون هناك استمرار بهذا الوطن من دون ان يعود «حزب الله» الى كنف الدولة بشكل كامل». وأوضح انه «يجب ان نفرق بين زيارة المبعوثين الروسي والفرنسي عن زيارة لاريجاني، بالطبع هنالك دول كروسيا لديها اهتمام استراتيجي بالمنطقة، ولكن ليس لديها المصلحة الضيقة بالمقارنة مع النظام الإيراني، وكذلك الامر لفرنسا التي تربطها بلبنان علاقات تاريخية تؤكد أكثر وأكثر انه لا يزال هناك غيرة على ان يكون هناك نظام ودولة قادمة في لبنان، وبالطبع عمل المؤسسات الدستورية بهذا الاطار، من هنا أتى تمني المبعوث الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف من خلال ما سمعناه في وسائل الاعلام ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية». وقال: «لهذا أعتقد أن زيارة لاريجاني لها أجندة مختلفة جداً وتأتي للتذكير أن «حزب الله» هو امتداد للنظام الإيراني الذي لديه طموحات إقليمية». وختم معلوف: «أتى لاريجاني الى لبنان ليؤكد الحالة التي نعيشها ألا وهي أن «حزب الله» لا يزال بتغطية بعض الحلفاء الداخليين، وعلى رأسهم التيار العوني ليستمر الحزب قابضا على مؤسسات الدولة خدمة للنظام الإيراني على حساب اللبنانيين».