كانت ريو دي جانيرو وملعبها الاسطوري "ماراكانا" يتحضران منذ اكتوبر 2007 لهذا اليوم، الأحد 13 يوليو 2014 من أجل الاحتفال بالمنتخب البرازيلي كبطل للعالم للمرة الأولى منذ 2002 والسادسة في تاريخه. لكن أحداً من سكان ريو دي جانيرو والبرازيل بأكملها توقع بأن يكون هذا اليوم "سوداويا" عليهم لأنهم سيضطرون إلى مشاهدة جيرانهم "الأعداء" يتمخطرون في شوارع المدينة باللونين الأبيض والأزرق وهم "يرقصون التانجو" على أنغام ليونيل ميسي ورفاقه في المنتخب الأرجنتيني الذين بلغوا النهائي على حساب هولندا من أجل مواجهة ألمانيا التي أذلت صاحبة الضيافة 7-1 في الدور نصف النهائي. اعتقد البرازيليون أنهم لم يتذوقوا يوماً أسوأ من مرارة خسارة نهائي مونديال 1950 على أرضهم أمام جارتهم الأوروجواي، لكن الألمان جعلوهم يتمنون لو تعود عقارب الساعة إلى الوراء من أجل تذوق تلك الهزيمة مرة أخرى على أن يذلوا بهذه الطريقة أمام "ناسيونال مانشافت". وتحضرت ريو منذ الخميس وتحت الأمطار من أجل احتضان الجيران "اللدودين" مع تعزيز الإجراءات الأمنية تجنباً لأي حوادث متوقعة. وكان الجمهور الأرجنتيني أصلاً الأكبر بين جمهور المنتخبات التي حلت في البرازيل من أجل خوض نهائيات النسخة العشرين وقد ارتفع العدد لحدود 100 ألف شخص بعد أن نجح ميسي ورفاقه بقيادة البلاد إلى النهائي للمرة الأولى منذ 1990 والرابعة في تاريخها بعد 1978 حين توجت باللقب على أرضها، و1986 حين قادها الأسطورة مارادونا إلى لقبها الثاني على حساب الألمان بالذات، و1990 حين ثأر الآخيرون من "لا البيسيليستي" وتوجوا باللقب للمرة الثالثة والأخيرة. وفي وسط ريو، حيث ساحة "تيريراو دو سامبا" التي احتضنت منذ انطلاق النهائيات الحفلات الموسيقية المترافقة مع العرس الكروي العالمي والتي بإمكانها استيعاب 140 سيارة، لم يعد هناك موطئ قدم بسبب الجمهور الأرجنتيني الساعي إلى استغلال الخدمات المجانية في هذا المرفق من أجل الاستحمام واستخدام المراحيض. وصباح الخميس، قررت بلدية ريو أن تفتح "سامبودروم" حيث يقام مهرجان ريو الشهير، وذلك بعد توافد الجمهور الأرجنتيني الذي كان أصلاً في ساو باولو من أجل متابعة مباراة بلادهم ضد هولندا والتي انتهت بركلات الترجيح بعد تعادلهما صفر-صفر في الوقتين الأصلي والإضافي (تحتاج الرحلة بين ساو باولو وريو إلى حوالي ست ساعات بالسيارة). ومن المتوقع ألا تمر عطلة نهاية الأسبوع دون مشاكل بين الجمهور الأرجنتيني و"مضيفه" البرازيلي، خصوصاً في ظل العداوة الكروية التاريخية بين منتخبي بلادهما اللذين تواجها في 97 مباراة حتى الآن (بينها اثنان في الألعاب الأولمبية) دون حسبان مباراة منتخبات الفئات العمرية. ويمكن القول: إن الأجواء الأرجنتينية الاحتفالية تشكل استفزازاً خطراً للبرازيليين الذين هم أصلاً غير راضين عن قرار الحكومة بإنفاق 11 مليار دولار من احتضان الحدث، عوضاً عن الاستثمار في القطاعات التعليمية والطبية والاجتماعية، وكيف الحال الآن بعد أن خرج منتخبهم العزيز بهزيمة تاريخية على أرضه. ومن أبرز العبارات التي رددها الجمهور الزاحف إلى وسط ريو دي جانيرو: "ايتها البرازيل، قولي لي كيف تشعرين الآن؟! مارادونا أعظم من بيليه!" في إشارة إلى المقارنة الدائمة بين أسطورتي البلدين.