لا أبواب على الامنيات ولا سدود للحد من تدفقها الدائم، وهي ذات سمات عديدة من اهمها: التناسل المطرد والتنوع كما وكيفا، وانها ساحة رحبة لتنازع الخيال والواقع، هذا التنازع الذي لا يمكن ان ينتهي، لأن الخيال اسرع من الواقع فهو ذو أجنحة، اما الواقع فهو لا يبارح الارض. وكلما اتسعت حياة الفرد اتسعت أمانيه وتطورت وكذلك هي المجتمعات، فكلما اتسعت حياتها الاقتصادية والثقافية والحضارية اتسعت امانيها، قد عرف المؤرخ الشهير تويني الحضارة بأنها (تجدد الغابات) أي انه كلما بلغ المجتمع مستوى معينا من نيل امانيه تجددت امان اخرى بصورة تطورية. كل انسان قادر على السباحة في خلجان الاماني، وكل شعب له ان يحلم بأن تتقدم اليه امانيه كل انسان قادر على السباحة في خلجان الاماني، وكل شعب له ان يحلم بأن تتقدم اليه امانيه، وقد غضت طرفها خجلا من ابطائها في الطريق اليه. الافراد والشعوب يتساوون في تخيل الاماني، ولكن هناك في الظل ما يقف ساخرا من اسراب هذه الاماني ما لم يكن دليلا لهما هو "الارادة"، والمقصود بالارادة هنا هو "وعي الضرورة" أي المعرفة الضوئية لعوائق الاماني التي يفرضها الواقع على كل من الافراد والمجتمعات، ثم العمل الارادي الجاد والواعي على تجاوزها. الامنية بلا ارادة "مطر بلا ماء" كما يقول الشاعر محمد الماغوط، ومن هنا يختلف الافراد عن الشعوب ذلك لأن العوائق تختلق بينهما: فالاماني الفردية عائقها عدم جدية الارادة واستبطان الواقع، وهي لا تحتاج الى التعبير اللغوي ثم هي تبقى متساوية مع ظل من يتمناها، اما الاماني الشعبية فهي تحتاج الى صهر الارادات الفردية في ارادة واحدة تسمى (الارادة الجماعية) وهذه دونها وديان من القتاد. من تلك الوديان ان الارادة الجماعية لا بد من التعبير عنها ليس علانية وحسب، بل لا بد من وعي مشترك يدفع الافراد الى قناعة مشتركة، وهذا لا يتم الا بطرح برامج واضحة تحدد مدى هذه الارادة واهدافها، هذا فقط عائق واحد "أي الحرية" فكيف بالوديان الاخرى؟. يذكر الدكتور محمد سبيلا في كتابه "الاسس الفكرية لثقافة حقوق الانسان" ان هذه الحقوق بلغت الآن اكثر من "150" حقا ص "105" وهنا لو سألت أي فرد في أي مجتمع عربي كم حقا نلت من هذه الحقوق؟ لأجابك بالصمت المطبق. لماذا يا ترى؟