بعد ان هدأت الكتابات التي نعت استشهاد شيخ المجاهدين احمد ياسين رحمه الله احببت ان اتطرق الى ماهو ابعد من حدث الاغتيال الغادر. ان اهم الاخطاء التي ارتكبها العرب في حق اخوانهم الفلسطينيين هو قبولهم بتحويل الاحتلال الصهيوني لفلسطين الى قضية مجردة ينظر فيها امام مجلس الامن، المستبد هو الحكم، والظالم هو القاضي، وصاحب الحق لاصوت له، اضعنا فلسطين عندما نسينا ان القضية هي شعب وارض وهوية ودين، انشغلنا بالمبنى عن المعنى. اعلم انا لانستطيع ان نعيد عقارب الساعة ولكن باستطاعتنا التأثير في مسار الاحداث. اذا كان (التراب) امر تحريره يقيده التخاذل ومعاهدات السلام بين بعض الدول العربية واسرائيل فان تحرير الانسان الفلسطيني من حياة الذل والخوف والجوع والمعاناة امر يستوجبه الدين والاخوة والنخوة الضائعة. ان كانت مساعدة فلسطيني الداخل تعتريه بعض الصعاب والمخاوف فليس لنا أي عذر في عدم مساعدة ابناء المخيمات في لبنان وسوريا والاردن، مخيمات بنيت على امل العودة قبل خمسين عاما فطال الانتظار وتجرع سكانها مرارة الذل والجوع والانكسار من القريب والصديق قبل العدو. خمسون عاما في مخيمات خيم عليها الخوف والمرض وسوء التغذية، شوارعها تعج بها مياه المجاري، سكانها بلا هوية ولا حقوق حق المواطنة والتعليم والعمل يعيشون في التيه ونحن صامتون وبحجج واعذار واهية ان لم نستطع مساعدتهم على الرجوع الى فلسطين فيجب اعطاؤهم حق الحياة الكريمة في تلك الدول، ليس المطلوب (التوطين) ولكن رفع مستوى المعيشة في تلك المخيمات والمساواة في فرص العمل والتعليم. اعتقد ان بكاءنا على الشيخ ياسين وان كان امرا محمودا فانه لن يطعم او يكسو اطفال ونساء وشيوخ المخيمات، الحزن الحقيقي على استشهاد الشيخ يكون بتحويل اقوالنا الى اعمال ايجابية شعوبا وحكومات ومنظمات اهلية واقليمية. لنكن ايجابيين مرة واحدة ونعمل سويا لرفع الم المعاناة في تلك (السجون المخيمات) الفلسطينية في اوطاننا العربية. ان اكثر ما اخافه ان يتحول بكاؤنا الى عادة وتنفيس بل قد نستشعر اهمية البكاء اذا توهمنا انه نوع من الجهاد او المواساة