أظهرت دراسة حديثة أن رشقات نارية غير مرئية من الإشعاع داخل العواصف الرعدية قد تكون المفتاح لفهم كيفية بدء البرق، أحد أكثر ألغاز الطبيعة غموضًا. هذه الومضات العالية الطاقة، المعروفة باسم «أشعة غاما الأرضية»، لا ترافق البرق فقط، بل قد تهيئ الظروف لحدوثه. اللغز الممتد لعقود منذ عقود، يحاول العلماء تفسير الخطوة الأولى للبرق. فعلى الرغم من تراكم الشحنات الكهربائية في الغيوم، غالبًا ما تكون الحقول المقاسة أضعف من أن تُشعل تفريغات هائلة. ويقترح فريق، بقيادة فيكتور باسكو من جامعة ولاية بنسلفانيا، أن القطعة المفقودة هي عملية تُسمى «التغذية الراجعة الكهروضوئية»، حيث تنتج سلسلة من التفاعلات بين الإلكترونات المسرَّعة وأشعة غاما داخل العاصفة. الشرارة الأولى في هذه العملية، تسرّع الحقول الكهربائية الإلكترونات إلى سرعات تقارب الضوء. وعندما تصطدم بجزيئات الهواء، تنتج أشعة غاما، التي بدورها تحرر مزيدًا من الإلكترونات، فتنشأ حلقة تغذية مرتدة، تخلق جيوبًا صغيرة من الهواء المكهرب قادرة على إطلاق قناة البرق. بهذا، قد يبدأ البرق من شرر صغير عالي الطاقة بدلًا من الحقول الضخمة. من ومضات ميكروية إلى صواعق رُصدت هذه الومضات للمرة الأولى عام 1994 عبر الأقمار الصناعية، واستمرت لملايين من الثانية، لكنها حملت طاقة مذهلة. النماذج الحاسوبية الجديدة أوضحت أن هذه الجيوب الصغيرة يمكن أن تتسع سريعًا لتشكيل صواعق بطول ميل كامل. كما تفسر المحاكاة سبب وجود إشارات راديوية قوية أحيانًا من دون برق مرئي، إذ تعتمد الظاهرة على شدة المجال وكثافة الهواء. وتبين أن العملية تختلف باختلاف الارتفاع. فقرب سطح الأرض، تكون سريعة ومضغوطة، بينما في الهواء الرقيق على ارتفاعات عالية تستمر أطول، وتغطي مناطق أوسع. هذا يساعد في تفسير التباين الكبير في الإشارات المرصودة بالعواصف. نحو تنبؤ أدق إذا تأكد أن البرق يبدأ فعلًا بهذه الانفجارات غير المرئية، فقد تتغيّر الطريقة التي نتنبأ بها بالعواصف. فبدلًا من الاعتماد على رصد البرق المرئي، يمكن مستقبلا استخدام مستشعرات خاصة لرصد هذه السلائف المبكرة. وعلى الرغم من أن النماذج الحالية ما زالت مبسطة وأحادية البعد، فإنها تفتح بابًا جديدًا لفهم العلاقة بين فيزياء الجسيمات والطقس. • ومضات أشعة غاما الأرضية قد تكون الشرارة الأولى للبرق. • التغذية الراجعة الكهروضوئية تخلق جيوبًا مكهربة قادرة على إطلاق الصواعق. • تختلف العملية باختلاف الارتفاع وكثافة الهواء. • النماذج أعادت إنتاج إشارات مرتبطة بالبرق مثل النبضات الراديوية والومضات القصيرة. • الاكتشاف قد يمهّد لتطوير أنظمة إنذار مبكر للعواصف الرعدية.