يُقتل سرطان الدم (اللوكيميا) ما يقرب من 300 ألف شخص حول العالم سنوياً، وتؤكد الإحصائيات العالمية أن هذا المرض يشكل تحدياً صحياً كبيراً ومتزايداً. من هذا المنطلق، جاء تخصيص شهر سبتمبر من كل عام ليكون "الشهر العالمي لسرطان الدم"، بهدف رفع الوعي العام بأنواع هذا المرض وسبل علاجه، وتوفير الأمل والدعم للملايين من المرضى وذويهم في كل مكان. اللوكيميا هي مجموعة من سرطانات الدم التي تبدأ في نخاع العظم، حيث تتكون خلايا الدم. عندما يتوقف النخاع عن إنتاج خلايا دم سليمة بكميات كافية، يتطور المرض. ورغم أن العلماء لا يعرفون الأسباب المباشرة لسرطان الدم، إلا أنه يُعتقد أنه يتطور نتيجة اجتماع عوامل وراثية وبيئية. أنواع اللوكيميا الأربعة.. الفرق بين الحاد والمزمن تُصنف اللوكيميا إلى أربعة أنواع رئيسية، تختلف في طبيعتها وخطورتها وطرق علاجها: اللوكيميا النخاعية الحادة (AML): وهو النوع الأكثر شيوعاً لدى البالغين، ويتميز بتطوره السريع. تتكاثر فيه الخلايا السرطانية بسرعة فائقة، مما يتطلب تدخلاً علاجياً فورياً وقوياً. اللوكيميا الليمفاوية الحادة (ALL): هذا النوع هو الأكثر انتشاراً بين الأطفال، ولكنه يصيب البالغين أيضاً، وهو يتميز أيضاً بالانتشار السريع للخلايا السرطانية، لكن معدلات الشفاء منه لدى الأطفال مرتفعة جداً، وتصل إلى نحو 90% بفضل التقدم الطبي. اللوكيميا النخاعية المزمنة (CML): ينمو هذا النوع ببطء على مدى سنوات، وغالباً ما يتم تشخيصه في مرحلة مبكرة بسبب الأعراض الخفيفة. يمكن للمرضى العيش لسنوات عديدة مع العلاج المناسب الذي يهدف إلى السيطرة على المرض. اللوكيميا الليمفاوية المزمنة (CLL): وهو النوع الأكثر شيوعاً بين البالغين الأكبر سناً، وتتطور فيه الخلايا السرطانية ببطء شديد، لدرجة أن بعض المرضى قد لا يحتاجون إلى علاج فوري، بل يتم الاكتشاف والمراقبة فقط. الخلايا الجذعية.. بارقة أمل في علاج اللوكيميا تُعد زراعة الخلايا الجذعية أحد أهم العلاجات لمرضى اللوكيميا، حيث تمثل بارقة أمل حقيقية للشفاء التام. تقوم هذه العملية باستبدال الخلايا السرطانية في نخاع العظم بخلايا جذعية سليمة، قادرة على إنتاج خلايا دم صحية جديدة. أهمية التبرع بالخلايا الجذعية: إنقاذ حياة: بالنسبة للعديد من المرضى، وخاصة الأطفال، تعد زراعة الخلايا الجذعية الفرصة الوحيدة للشفاء. أمل جديد: يمنح التبرع بالخلايا الجذعية الأمل للملايين الذين يعانون من أمراض الدم الوراثية والمكتسبة. عملية سهلة ومباشرة: أصبح التبرع بالخلايا الجذعية عملية بسيطة وغير مؤلمة في معظم الحالات، حيث لا تختلف عن التبرع بالدم العادي. جهود المملكة في مكافحة سرطان الدم تُقدم المملكة نموذجاً رائداً في توفير الرعاية الصحية المتقدمة لمواجهة سرطان الدم. فقد بدأت زراعة الخلايا الجذعية المعتمدة في العديد من المراكز المحلية منذ عام 1984، مما يظهر التزامها بتقديم أحدث ما توصل إليه العلم في هذا المجال. كما تتوفر في المملكة تقنيات علاجية متقدمة مثل العلاج بالخلايا التائية (CAR T-cell therapy)، الذي يُعد طفرة نوعية في علاج اللوكيميا النقويةالحادة وسرطان الغدد الليمفاوية. يتم توفير هذه العلاجات المتطورة للمرضى في المستشفيات الحكومية بالمجان، مما يؤكد على دور الدولة في توفير الحماية الشاملة للمواطنين والمقيمين، وتخفيف الأعباء عن المرضى وذويهم. مجتمع واعٍ ومتعاون تهدف حملات التوعية خلال شهر سبتمبر إلى زيادة الوعي بين المواطنين والمرضى بماهية المرض وأشكاله المختلفة وأهمية الكشف المبكر. هذا الوعي يُسهم بشكل مباشر في الالتزام بالخطة العلاجية ومنع حدوث المضاعفات، وبالتالي يساهم في ارتفاع نسب الشفاء.