مختار بلول فرح الكثير بزعامة إردوغان لتركيا، واعتبره المصلح المنتظر لما أفسده العطار بين المسلمين، وتركيا باعتبارها دولة مسلمة الكل كان يتطلع إليها وإلى تجربتها في سياساتها الداخلية والخارجية، لتكون مثلاً وعبرة لاتباعها ولتنضم إلى التجربة الماليزية والسنغافورية في التربع على العرش الاقتصادي في العالم، وفعلاً حققت الإصلاحات الاقتصادية التي طبقها إردوغان في تركيا وبدأت تأتي ثمارها وأكلها، إلى أن نزغ شياطين السياسة الذين من حوله وأوحوا له بأنه هو أي رجب طيب إردوغان المصلح المنتظر، مصلح آخر الزمان، وكان لوجود جماعة الإخوان المسلمين في تركيا دور في انحراف السياسة التركية عن مسارها الصحيح، وكانوا هم من يقف وراء ذلك الاعتقاد، لأنهم بزعمهم يبحثون عن منقذ لهم وليس منقذا للإسلام..!. لأن الإسلام هو دين الله الحق لجميع الناس في الأرض، والإسلام حرم الظلم على المؤمن والكافر، وأمر بالعدل، فالإسلام مجموعة مبادئ أخلاق كريمة سامية في التعامل بين الناس جميعاً، فالزعيم الحكيم من يستطيع أن يجنب بلاده وشعبه الهلاك والدمار، ولا يرمي بهم في التهلكة من أجل تحقيق عظمة وهمية أوحت له بأنه قادر على أن يتحكم في العالم، وقد سبقه هتلر فكان يحلم بقيادة العالم فدمر بلاده وشعبه ونفسه، لأن جنون العظمة أول ما يجني على صاحبه، كان في إمكان إردوغان أن يكون مسلماً في تعامله ومعاملاته ويحكم بالعدل ولا يتاجر بالمسمى الإسلامي وأن يطبق العدالة، عدالة الإسلام مع جميع الناس مؤمنهم وكافرهم. الله رب العالمين سخر جميع الأسباب للمؤمن والكافر وهذا عطاء الربوبية للجميع، لأن الله رب العالمين، فلا يتألى أحد على الله في عطاء الربوبية ويميز بين الناس في العطاء بالحق والعدل، كان في إمكان إردوغان أن يجنب تركيا وشعبها ويلات الحروب الباردة والساخنة، ويعمل لمصلحة شعبه وبيته التي هي تركيا، وللبيت العام وهو العالم، وله رب يديره ويدبره ويحميه والله خير الحاكمين. لكن للأسف اختيار إردوغان لغة العاطفة والتحدي يجعله يخسر كل شيء بناه، فقد سبقته اليابان من قبل وحاولت أن تتمرد، فكتبت كتاب (الآن اليابان تستطيع أن تقول لا للغرب)، فانتكس النظام المصرفي في اليابان وتعرض الين إلى أسوأ هبوط في تاريخه أمام العملات العالمية، وانهار النظام المصرفي في اليابان وكادت اليابان أن تفلس، وذلك في الثمانينات من القرن العشرين الماضي، وكذلك الحال مع الاتحاد السوفيتي الذي تفكك وانهار في تلك الفترة، ولنا في كثير من الدول عبرة التي كانت وسادت ثم انهارت وتلاشت، فهذه دولة زمبابوي روديسيا سابقاً كانت من أغنى الدول الإفريقية ثم تحولت في ظل حكم موغابي إلى أفقر دولة في إفريقيا، حتى أصبحت عملتها تطبع على ورق بيليون من شدة التضخم والفقر الذي ضرب البلاد، حتى أصبحت العملة لا تساوي قيمة الورق المطبوعة عليه، هل تريد يا إردوغان هذا المصير لتركيا؟ كان في إمكانك أن تكون فعلاً داعية للسلام العالمي في العالم، وتجنب بلدك والمنطقة والعالم ويلات الحروب الباردة والساخنة لمجرد أنك كنت واهما وتعتقد بأنك كنت على حق، والحق كل الحق ألا تزج ببلادك في مواجهات سياسية واقتصادية مع العالم! الحاكم الحكيم مثله مثل ربان السفينة إذا واجهته عاصفة عاتية هوجاء في عرض البحر فإنه يغير أشرعة السفينة «سياسته» ليجنب السفينة وركابها «بلده وشعبه» الغرق، ويبحر في اتجاه بر الأمان، هذه هي مواصفات القبطان «الحاكم الحكيم» الماهر الذي يغير أشرعته «سياسته» ولا يحاول أن يغير العاصفة «أحداث العالم» بالتدخل في شؤون الغير، فيفقد نفسه ويفقد الغير، ولَك يا إردوغان في من سبقك من زعامات وزعماء في العالم جنوا على بلادهم وعلى أنفسهم لك فيهم عبرة وموعظة، عد مرة أخرى إلى بناء تركيا واقتصادها لا على حساب معاداة الآخرين، ولكن عبر علاقات سلام مع الجميع واتباع سياسة الحياد في مواقفك الدولية، وتطبيق العدل في الداخل، بذلك تستطيع أن تسهم في استقرار واستتباب السلام العالمي، وتحقق لشعبك وشعوب المنطقة الرفاهية والازدهار الاقتصادي، وأن تقيم علاقات الود والمحبة مع جميع شعوب العالم.