أكد «عكاظ» دعاة وأكاديميون على أهمية كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التي ألقاها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع أمام قادة ورؤساء الدول ورؤساء بعثات الحج لهذا الموسم أمس الأول في منى، والتي ركزت على وسطية الإسلام وضرورة الانفتاح على الآخر وفق مفهوم الدين الإسلامي الصحيح، وأوضحوا أن كلمة الملك أرست لقواعد الحوار مع الآخر وواجهت النزعات المتطرفة بتنظيم فكري مؤسسي، مؤكدين أن دعوة الملك إلى الحوار مع الآخر فتحت آفاقا عريضة للدعوة إلى الإسلام الصحيح وفق رؤية عقلانية حكيمة حول ذلك. رأى أستاذ كرسي الأمير نايف لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الدكتور غازي بن غزاي المطيري، أن كلمة خادم الحرمين الشريفين جاءت في وقت تتصارع فيه الأفكار والمبادئ وبعضها يتحول إلى حروب مشتعلة تابع الجميع آثارها ولمس دمارها حين يقود المتطرفون والغلاة الرأي العام في أي أمة ودولة وقد ذاق المسلمون قبل غيرهم ويلات الحروب المتعصبة التي تدفعها المشاعر الظالمة وتكرسها المطامع الدنيوية الجشعة، مضيفا أن هذه الأفكار أو الصراعات لم تجد من يقف أمامها على المستوى الفكري المؤسسي في هذا العصر سوى خادم الحرمين الشريفين الذي أخذ على عاتقه عبء تلك الدعوة الإنسانية الخيرة والتي أصلها وأطلقها من منابع الفهم الصافي للكتاب والسنة، وقال: «ليس في هذه الدعوة أي تنازل عن الثوابت العقدية الصحيحة بقدر ما هو دعوة إلى الحوار في حدود القواسم المشتركة بين الأديان والنظريات والتي يأتي في طليعتها حاجة البشرية إلى السلام العالمي، وإقامة العدل والمساواة وكبح جماح الحروب الظالمة المدمرة التي تهلك الأخضر واليابس»، وتساءل: كم دمرت بلدان وشردت شعوب ونال المسلمون النصيب الأكبر من هذا الظلم المتسلط من الأقوياء على الضعفاء وعلى المفكرين النابهين والدعاة المتنورين أن يأخذوا هذه الدعوة باهتمام ويمضوا في المسار الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين، وقال: «لا شك أن علماء المملكة ودعاتها وفقهاءها مطالبون بتوضيح الصورة وتأصيل القضية لتأخذ منهجية دعوية إسلامية تحقق أهدافها ومراميها الخيرة وتقدم بلادنا بتوجيه قادتها كدعاة خير وسلام ومحبة ووئام وأحسب أن الكاسب الأكبر هو الإسلام لأن الشعوب الحرة إذا قدم لها الإسلام صافيا نقيا دون إكراه أو تخويف أو تشويه سوف تختار الإسلام عن طواعية إن لم يكن موقفها في النهاية على أقل تقدير متفهما وواعيا لحقيقة الإسلام وتلك نقطة أساسية لفهمه»، وأكد أن خادم الحرمين الشريفين بهذه الدعوة قد فتح آفاقا عريضة من الدعوة للإسلام الصحيح وفق رؤية عقلانية حكيمة تنتهي إلى إزالة الذهنية المشوهة وكبح جماح الدعاية الظالمة ضد الإسلام وهي دعوة خيرة لسائر الشعوب والأمم التي هي أحوج ما تكون إلى السلام والمحبة والوئام، وذكر أنه لا يجد غضاضة ولا حرجا بالقول أن مفاهيم العولمة بمفهومها الصحيح تتفق مع حرص الإسلام على استخراج البشرية من الظلمات إلى النور، فالمفكر المسلم والداعية المؤمن يقبل بالحوار والتواصل الثقافي ولا ينكص عن مائدة النقاش الحر النزيه. ومن جهته، قال عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء الدكتور هشام بن عبدالملك آل الشيخ: «لا شك أن كلمة الملك التي ذكر فيها قواعد وأسس التعامل مع الآخر، تتضمن حقيقة ما يجب أن يتحلى به المسلم في تعامله مع الآخر سواء كان يدين بدين سماوي أو ممن لا يدين بأي دين»، وأضاف: «علينا التعامل مع الآخر بإنسانية خالصة ووفق أخلاقنا كمسلمين؛ فالإسلام دين أتى بالرحمة للعالمين جميعا مسلم وكافر وغيرهم حتى الحيوان فلذلك نتعامل معهم وفق كتاب الله وسنة النبي»، وأكد أن خادم الحرمين أسس هذه القواعد وأكد عليها وبين أن ما اتفقنا عليه بيننا وبينهم محور النقاش وما اختلفنا مرجعه للكتاب والسنة وهو ما دعا إليه الإسلام فقد قال الله تعالى: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله)، فالتعامل يكون من خلال الأسس التي دعا إليها الدين من المجادلة بالحكمة قال تعالى: (وجادلهم بالتي هي أحسن)، وأردف فلندعوهم ونرحمهم فديننا دين رحمة للعالمين والنبي صلى الله عليه وسلم بعث رحمة للعالمين كما قال الله تعالى (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت عن أخلاق الرسول الكريم: (كان خلقه القرآن)، لافتا إلى أن الرسول كان ذا خلق قويم مع الجميع حتى مع الكفار والمنافقين وكان رحيما بالبهائم، وقال: توجيه خادم الحرمين يشكل المسلك الحق الذي يجب أن يكون عليه المسلم وتقيد المسلم به سيؤدي إلى نشر ديننا وقبول الناس به»، وأضاف: «أشكر خادم الحرمين لتطرقه لهذا الموضوع وبموجب كلمته أيده الله فإن على العقلاء أن يعلموا أن ديننا دين رحمة وأحق بالنظر والاتباع». من جانبه، قال رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية الدكتور أنور عشقي: «إن كلمة خادم الحرمين تركز على مبدأ التسامح وتقبل الآخر وفتح باب الحوار لأن هناك من يتربص بالأمة ليمزقها إلى طوائف متنابذة وهذه الكلمة رسالة حملها خادم الحرمين الشريفين في أعناق كل مسلم وكل مسؤول مسلم ليبادر كي يعم السلام أرجاء الأمة العربية والإسلامية ويكون نواة للسلام العالمي»، وأضاف: «الكلمة رغم أنها قصيرة لكنها تحمل دلالات كبيرة لأنها تؤكد دائما على الحوار بين أتباع الثقافات والأديان والحوار بين أصحاب المذاهب وخادم الحرمين مشفق على الأمة من التشظي في هذا العصر لأنها إذا تمزقت فسيكون المنتصر هو العدو»، وشدد على ضرورة تقبل الآخر والتسامح معه وتطبيق القيم الإسلامية الحقيقية على واقعنا الذي نعيشه.