لا يزال ملف التحكيم هذا الموسم محورًا للجدل والاختلاف، ومع دخول الدوري مراحله الحساسة، برز النقاش بشكل أكبر حول القرارات التي أثّرت فعليًا في نتائج مباريات مهمة، ومنها ما حدث مؤخرًا للهلال؛ رغم استعانته بحكام أجانب في جميع مبارياته التسع الماضية، المفارقة أن الفريق الذي لجأ إلى هذا الخيار؛ لضمان أعلى مستويات العدالة، وجد نفسه ضحية قرارين مؤثرين كادا أن يحرما الفريق من نقاط المواجهة الأخيرة امام الفتح؛ طرد ناصر الدوسري غير المتفق على صحته، وركلة الجزاء التي سجل منها باتنا هدف السبق، وأجمع محللون كُثر على أنها ليست صحيحة؛ وفق المعايير التحكيمية المتعارف عليها. الهلال، الذي يقف وصيفًا بفارق أربع نقاط خلف المتصدر النصر، يعيش وضعًا حساسًا، فكل تفصيل تحكيمي قد يغيّر ملامح جدول الترتيب. ورغم وجود تقنية الVAR التي جاء بها الاتحاد الدولي لكرة القدم لضبط الأخطاء الواضحة، وإعادة الاتزان للقرارات، إلا أن الأخطاء خصوصًا في مباريات المتصدر تكررت بصورة لافتة، وكان المستفيد الأكبر منها النصر في محطات عديدة هذا الموسم، وبالذات مع طواقم التحكيم المحلية، تلك الأخطاء لم تكن هامشية، بل رافقت لحظات كان النصر فيها قريبًا من التعثر، لكنها جاءت لتمنحه أفضلية حاسمة صنعت جزءًا مهمًا من الفارق النقطي الحالي، وبينما تُحاط مباريات الهلال بأعلى درجات الصرامة التقنية، تُدار مباريات أخرى بمعايير أقل انضباطًا، ما يعزز شعور الجماهير بأن توزيع العدالة غير متوازن. الأمر لا يتعلق بالجدل الجماهيري فقط، بل بانعكاس هذه القرارات على سير المنافسة، فحين يجد فريقٌ مثل الهلال نفسه مطالبًا بتعويض أخطاء لا علاقة له بها، يزداد الضغط، ويتغير مسار الموسم بشكل غير مباشر. ورغم أن الخطأ التحكيمي جزء من اللعبة، إلا أنه حين يتكرر في اتجاه واحد؛ يصبح أقرب إلى مشكلة هيكلية تحتاج إلى مراجعة شاملة. وفي جانب آخر لا يقل أهمية، يبرز التساؤل القديم الجديد: لماذا يتأخر الهلال في تجديد عقود لاعبيه؟ في حين أن أندية أخرى تحسم ملفاتها سريعًا، تستغني عن عناصر، وتتعاقد مع بدائل، وتُجدّد لمن يستحق دون الدخول في متاهات طويلة؟ الهلال تاريخيًا يملك إدارة احترافية قوية، لكنه في السنوات الأخيرة أصبح يميل إلى التأخر في حسم ملفات التجديد، وهو تأخر ينعكس على استقرار الفريق وراحة اللاعبين وحتى على خطط المدرب. تأخر التجديد لا يرتبط فقط بالنواحي المالية، بل في كثير من الأحيان بطريقة إدارة الملفات، وحرص الإدارة على دراسة كل عقد بدقة، ما يطيل المدة ويفتح الباب للتأويلات. بعض الأندية تحسم الأمور وفق رؤية سريعة مبنية على الاحتياج الفني المباشر، بينما يتعامل الهلال معها بعمق أكبر، لكنه عمق يتسبب أحيانًا في تأخير غير مبرر. اللاعب حين يدخل فترة الستة أشهر الأخيرة يبدأ القلق بالتسلل له، والجماهير تعيش توترًا لا داعي له، وربما يستغل منافسون هذه الفجوات لزعزعة الاستقرار. ومع ارتفاع نسق المنافسة هذا الموسم، لا يحتمل الفريق أي ارتباك داخلي قد يؤثر على التركيز الفني، الهلال اليوم مطالب بمواجهة تحديين؛ الأول التعامل مع واقع التحكيم الذي بات جزءًا لا يمكن تجاهله في شكل المنافسة، والثاني حسم ملفات التجديد مبكرًا لإغلاق باب القلق أمام اللاعبين والجمهور على حد سواء. فالفوارق في كرة القدم الحديثة لم تعد تُصنع داخل الملعب فقط، بل في تفاصيل خارج الخطوط، وفي قدرة الإدارة على خلق بيئة مستقرة لا تهتز؛ مهما اشتدت المنافسة. وفي ظل المنافسة الشرسة مع النصر، يجب أن يكون الهلال أكثر سرعة وحزمًا في قراراته، وأكثر حماية لحقوقه داخل الملعب وخارجه.