رفض رئيس أركان الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان مقترح وقف إطلاق النار الذي تقوده الولاياتالمتحدة، واصفًا إياه بأنه «الأسوأ حتى الآن». وجاء الموقف في لحظة حساسة تتكثف فيها الجهود الدولية لإنهاء حرب تجاوزت 30 شهرًا، وأفرزت واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم. وبينما يرى البرهان أن الوثيقة لا تلبي متطلبات الجيش، ينتظر الشعب السوداني أن تقود الجهود إلى تسوية عاجلة لإيقاف الحرب بشكل عاجل. رفض البرهان أعلن البرهان عبر نشر فيديو رفضه للمقترح، واصفًا الوثيقة بأنها «الأسوأ حتى الآن». ورغم لهجة الانتقاد، جاء الرفض لاعتبارات عرضها الجيش بوضوح، أبرزها أن المقترح – وفق رؤية البرهان – «يلغي القوات المسلحة، ويحُل الأجهزة الأمنية، ويُبقي الميليشيات على حالها»، في إشارة مباشرة إلى قوات الدعم السريع. كما أشار إلى وجود مخاوف تتعلق ب«التحيز» في المسار التفاوضي، معتبرًا أن استمرار الوساطة بمنهجها الحالي يضعها في موقع غير محايد. وأضاف أن الجيش لا يرفض مبدأ السلام، لكنه يشترط انسحاب قوات الدعم السريع من المناطق المدنية قبل أي هدنة، كخطوة أساسية لعودة النازحين. موقف الجيش رغم انتقاد البرهان لعدد من الوسطاء، لم يضع الجيش نفسه في موقع المواجهة مع المجموعة الدولية، بل ركز على توضيح تحفظات تقنية وسياسية على بنود الوثيقة. وكرر أن الجيش ليس تحت سيطرة أي تيار سياسي أو أيديولوجي، كما نفى امتلاكه أسلحة كيميائية، وهو اتهام نُسب إليه سابقًا. خطة ترمب يأتي المشهد بالتوازي مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن نيته منح الملف السوداني اهتمامًا أكبر خلال الفترة المقبلة. وجاء إعلان ترمب بعد طلب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال زيارة إلى البيت الأبيض، بهدف دفع الأطراف نحو اتفاق ينهي الحرب. وتسعى خطة ترمب إلى تحقيق توازن بين وقف إطلاق نار إنساني عاجل، ومسار سياسي مدعوم دوليًا، مع ضبط تدفق السلاح، وضمان وصول المساعدات، وتهيئة الساحة لعودة مؤسسات الدولة. وتهدف واشنطن إلى بناء تسوية تستند إلى شراكات إقليمية لتأمين استقرار أطول مدى، مع تجنب فراغ أمني يفاقم الأزمة. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإلى مفاوضات مباشرة بين الجيش والدعم السريع، مع ضمان وصول المساعدات الإنسانية بلا عوائق، ووقف تدفق الأسلحة إلى السودان. وأكد أن البلاد بحاجة عاجلة إلى مسار سلام يعالج جذور الأزمة، لا مجرد وقف للقتال. مقترح الرباعية وتعمل الرباعية– التي تضم الولاياتالمتحدة والسعودية ومصر والإمارات – منذ أكثر من عامين على دفع الأطراف السودانية نحو وقف إطلاق النار واستئناف مسار التحول الديمقراطي المعلّق منذ انقلاب 2021. ووفق مستشار الشؤون الأفريقية في الإدارة الأميركية، مسعد بولس، فإن المقترح الأخير يتضمن هدنة إنسانية لثلاثة أشهر، تليها عملية سياسية تستمر تسعة أشهر. وقد أعلنت قوات الدعم السريع موافقتها على الهدنة، خصوصًا بعد الإدانات الواسعة لجرائم ارتكبتها في مدينة الفاشر خلال الأسابيع الماضية. السياق العام انزلقت البلاد في أبريل 2023 إلى مواجهة مفتوحة بين الجيش وقوات الدعم السريع عقب خلافات على السلطة. ومع مرور الوقت، تحولت الاشتباكات إلى حرب واسعة أدت إلى مقتل أكثر من 40 ألف شخص وفق أرقام الأممالمتحدة، وسط تقديرات تفيد بأن الأعداد الحقيقية أعلى بكثير. وأسفرت الحرب كذلك عن نزوح أكثر من 14 مليون شخص، وتدهور الأوضاع الصحية، وانتشار الأوبئة، واقتراب مناطق عدة من حالة المجاعة. لذا يبدو أن السودان يقف أمام مفترق طرق جديد، إذ تتصاعد الضغوط الدولية وتتقدم مقترحات متعددة لإنهاء الحرب. وفي المقابل، يقدم الجيش رؤيته الخاصة لشروط الهدنة، ما يعكس تعقيدات المشهد. وبين خطة ترمب، وتحفظات الجيش، ومطالب المجتمع الدولي، يظل وقف إطلاق النار هدفًا مؤجلًا بانتظار توافقات لم تتبلور بعد. أبرز ملامح خطة ترمب: 1. وقف إطلاق نار إنساني عاجل لمدة محددة. 2. إطلاق عملية سياسية تمتد لعدة أشهر برعاية دولية. 3. وقف نقل السلاح والمقاتلين إلى السودان. 4. ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق. 5. تنسيق إقليمي ودولي لإعادة الاستقرار ودعم مؤسسات الدولة.