يستمر المشهد العسكري بين إسرائيل وحزب الله في التوتر، وسط تصعيد واضح في مستوى الاستعدادات الإسرائيلية عقب اغتيال هيثم الطبطبائي، أحد أبرز القادة العسكريين في الحزب. ويعكس التزامن بين مناورات واسعة النطاق على الحدود وتكثيف الهجمات داخل لبنان تحولًا لافتًا في العقيدة الإسرائيلية تجاه المواجهة المقبلة، بما يعيد لبنان إلى دائرة الاحتمالات المفتوحة في الأسابيع المقبلة. ماغين عوز أعلن الجيش الإسرائيلي بدء تمرين «ماغين عوز»، وهو واحد من أكبر المناورات التي تُنفذ هذا العام ضمن خطة 2025، بهدف فحص الجهوزية للتعامل مع سلسلة من السيناريوهات المفاجئة في الجولان والأغوار. وأوضح الجيش أن التمرين يتضمن تدريب المقرات والقيادات على تقدير الموقف، وصنع القرار في حالات الطوارئ، بالإضافة إلى اختبار مفاجئ لقدرة الفرقة 210 على الاستجابة السريعة. وتحدث بيان الجيش عن حركة نشطة للقوات وأصوات انفجارات وتحليق جوي مكثف خلال المناورات، مؤكدًا عدم وجود مخاوف أمنية مباشرة. ويأتي هذا النشاط في وقت يشهد فيه الشمال حالة تأهب متصاعدة بعد اغتيال الطبطبائي، بما يشير إلى أن الجيش يتعامل مع التدريبات بوصفها مكمّلة لاستعدادات ميدانية فعلية، لاختبار منظومة الدفاع الجوي، وتعزيز قدراتها. رفع مستوى الجهوزية شكّل اغتيال الطبطبائي في الضاحية الجنوبيةلبيروت نقطة تحول في حسابات تل أبيب، إذ أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن المؤسسة العسكرية رفعت الجهوزية بشكل كبير، وعززت منظومة الدفاع الجوي في الشمال، متوقعة احتمالات متعددة للرد من جانب حزب الله، منها إطلاق رشقات صاروخية، أو تنفيذ تسلل عبر الحدود، أو استهداف مواقع إسرائيلية داخل لبنان. وتناول خبراء عسكريون تقييمًا مفاده أن الحزب قد يتجه لتفعيل جهات أخرى قريبة منه، في إشارة إلى جماعات حليفة في المنطقة، بالنظر إلى الدور السابق للطبطبائي في ملفات خارجية. ويعكس هذا التقدير مخاوف من توسع المواجهة خارج الحدود المباشرة، ما يرفع مستوى التعقيد في الاستعدادات الإسرائيلية. القتال القصير كشف مصدر أمني إسرائيلي أن إسرائيل تعدّ لمعركة قصيرة تهدف إلى «إضعاف حزب الله طويلة»، مشددًا على أن الحكومة اللبنانية غير قادرة على القيام بهذه المهمة. ويؤكد هذا الطرح التحول في الخطاب الرسمي الإسرائيلي، إذ تحاول تل أبيب إعادة صياغة مفهوم الردع عبر تحركات سريعة ومركّزة قبل نهاية العام. ولا تخفي إسرائيل قلقها من عودة الحزب إلى تعزيز قدراته، إذ تتهمه بالحصول على دعم مالي كبير من إيران. وكرر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الحزب «غير جاد» في التسويات الداخلية، وأن إسرائيل لن تسمح له بإعادة بناء قوته العسكرية. الداخل اللبناني تزامن اغتيال الطبطبائي مع اقتراب زيارة البابا لاوون الرابع عشر للبنان، ما زاد من وقع الصدمة في الداخل اللبناني. وأعلنت السلطات اللبنانية أن الغارة، التي شملت إطلاق ثلاثة صواريخ على مبنى في الضاحية، تُعد الأولى منذ يونيو الماضي. وعلى الرغم من وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين قبل عام، فإن إسرائيل واصلت غاراتها على أهداف متفرقة في لبنان، بينما تتهمها بيروت بارتكاب خروق متواصلة، تشمل البقاء في خمسة مواقع إستراتيجية في الجنوب. ويأتي ذلك بينما تحاول القيادة اللبنانية إعادة تأكيد ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وسط مشهد سياسي معقد وتوترات أمنية متصاعدة. الدور العسكري يمثل الطبطبائي شخصية محورية داخل الهيكلية العسكرية لحزب الله، إذ تولى مهام قتالية في سوريا، ثم انتقل لإدارة ملفات خارجية، بما فيها اليمن. وعلى الرغم من محدودية حضوره الإعلامي، كان يُعد من أكثر القيادات نفوذًا داخل الجناح العسكري، وأدرجته الولاياتالمتحدة على قوائم المطلوبين. ونص اتفاق وقف إطلاق النار الموقع سابقًا بين حزب الله وإسرائيل على انسحاب الحزب من جنوب الليطاني، وتفكيك بنيته العسكرية في المنطقة، وهو ما لم يتم تطبيقه بالكامل وفق الرواية الإسرائيلية، ما يجعل اغتيال الطبطبائي جزءًا من محاولة تل أبيب إعادة فرض هذا الاتفاق بالقوة. ماذا ينتظر لبنان؟ 1. ارتفاع احتمالات التصعيد المحدود أو الواسع على الحدود الجنوبية. 2. استمرار الضربات الإسرائيلية داخل لبنان لتقويض قدرات حزب الله. 3. ضغوط دولية متزايدة بشأن حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. 4.مخاطر سياسية واقتصادية إضافية مع أي مواجهة جديدة في الشمال.