شهدت العلاقات السعودية - الأميركية نقلة نوعية خلال زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- إلى الولاياتالمتحدة، حيث وقّع الجانبان حزمة واسعة من الاتفاقات الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية، وفتحا صفحة جديدة من التعاون تُعدّ الأضخم منذ عقود. الزيارة التي وصفت بأنها "منعطف استراتيجي" أرست أسس تحالف جديد يتجاوز نمط العلاقات التقليدية بين البلدين. أبرز ما حملته الزيارة كان الإعلان الأميركي عن منح المملكة صفة "حليف رئيس من خارج الناتو"، وهو تصنيف يعكس عمق الثقة ويمنح الرياض امتيازات عسكرية واسعة. كما أعلنت واشنطن استعدادها لإتمام صفقة مقاتلات F-35 المتطورة، في خطوة تعد سابقة في تاريخ التعاون العسكري بين البلدين. تأتي هذه التحركات في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات أمنية متصاعدة، ما يجعل تعزيز القدرات الدفاعية للسعودية أولوية استراتيجية للبلدين. شهد منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بقيمة تجاوزت 270 مليار دولار في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والمعادن والخدمات المتقدمة. كما تحدثت مصادر أميركية عن التزام استثماري قد يصل إلى تريليون دولار خلال الأعوام المقبلة، ما يعكس حجم التحول وعمق التداخل الاقتصادي المتوقع بين الطرفين. كما وقّعت "أرامكو" السعودية اتفاقات تتجاوز 30 مليار دولار مع شركات أميركية في مشاريع الغاز والتصنيع والتقنيات المستقبلية. ضمن مخرجات الزيارة، أعلن الجانبان إتمام المفاوضات على اتفاق للتعاون النووي المدني، يُتوقع أن يسهم في تأسيس أول برنامج للطاقة النووية داخل السعودية مع التزام بمعايير السلامة وعدم الانتشار، كما تم إطلاق إطار جديد لتأمين سلاسل توريد المعادن الحيوية واليورانيوم، في خطوة تؤكد رغبة الرياض في بناء قطاع طاقة حديث ومستدام. مجال التكنولوجيا، أطلق الطرفان مبادرة استراتيجية للتعاون في الذكاء الاصطناعي والابتكار، تشمل إنشاء مراكز أبحاث واستثمارات مشتركة في الشركات التقنية الناشئة، كما تم التوقيع على مذكرة تعاون في مجالي التعليم والتدريب، من شأنها تعزيز تبادل الخبرات وتطوير رأس المال البشري. المراقبون يرون أن الزيارة لم تقتصر على توقيع عقود أو تفاهمات، بل أعادت صياغة قواعد الشراكة بين الرياضوواشنطن، لتتحول من علاقة قائمة على النفط والأمن إلى تحالف شامل يمتد إلى التكنولوجيا المتقدمة، الطاقة النظيفة، الأمن الإقليمي، والاقتصاد العالمي. تفتح زيارة الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- للولايات المتحدة بابًا جديدًا في العلاقات السعودية - الأميركية، وتؤسس لتحالف أكثر توازنًا وعمقًا في مرحلة عالمية تتسم بالتنافس الشديد وتقلب موازين القوى، ووفق الوقائع والمخرجات، يبدو أن البلدين مقبلان على عقد من التعاون النوعي الذي قد يعيد رسم ملامح المنطقة والاقتصاد الدولي.