انطلقت في جنيف أمس (الأحد)، محادثات هي الأهم منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، إذ تجتمع وفود أوكرانية وأمريكية وأوروبية لبحث خطة السلام التي صاغتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، والمعروفة بخطة ال28 نقطة، والتي تُعد أول إطار تفاوضي شامل يوضع على الطاولة منذ سنوات الجمود العسكري. الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عبّر عن أمله في أن تثمر الاجتماعات عن نتائج ملموسة، مشدداً على ضرورة "وقف إراقة الدماء" وتحقيق تسوية تمنع تجدّد الحرب. وجاءت تصريحاته فيما يعدّ الوفد الأوكراني لمناقشة مسودة اتفاق يرى كثيرون أنها تحمل تنازلات قاسية، أبرزها التخلي عن الانضمام للناتو، والقبول بقيود على الجيش، والتنازل عن أراضٍ سيطرت عليها روسيا. داخل الولاياتالمتحدة، أخذ الجدل حول الخطة منحى أكثر حدّة بعد تصريحات السيناتور مايك راوندز التي قال فيها: إن وزير الخارجية ماركو روبيو أبلغه بأن الوثيقة ليست أمريكية بل "اقتراح روسي وصل إلى واشنطن". لكن روبيو سارع لنفي ذلك، مؤكداً أن الخطة "من إعداد الولاياتالمتحدة" وأنها وُضعت بالاعتماد على مقترحات أوكرانية أيضاً. وزارة الخارجية الأمريكية وصفت الاتهامات بأنها "كاذبة بشكل صارخ"، وأكدت أن الوثيقة تشكّل أساساً تفاوضياً أعدّته واشنطن كوسيط بين الطرفين. في موازاة المفاوضات، أعلنت وزارة الدفاع الروسية سيطرتها على ثلاث مناطق جديدة في شرق أوكرانيا وسط تراجع أوكراني على عدد من الجبهات. كما أفادت صحيفة "واشنطن بوست" بأن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف قد يزور موسكو إذا نجحت مباحثات جنيف في وضع إطار مُتفق عليه مع كييف، بهدف نقله مباشرة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي تصعيد ميداني لافت، قال حاكم منطقة موسكو أندريه فوروبيوف: إن طائرات مسيّرة أوكرانية استهدفت محطة شاتورا الرئيسية للتدفئة والكهرباء، ما تسبب في حريق كبير وتفعيل أنظمة طاقة احتياطية مع انخفاض درجات الحرارة إلى ما يقارب الصفر. بالتزامن، أعلنت وزارة الدفاع الروسية إسقاط 75 مسيّرة أوكرانية خلال الليل، في واحدة من أكبر موجات الهجمات الجوية منذ بدء الحرب. وتجري المحادثات تحت سقف زمني ضيق بعد منح ترمب زيلينسكي مهلة تنتهي الخميس للموافقة على الخطة، في وقت تؤكد عواصم أوروبية أن الوثيقة الأمريكية تشكّل أساساً قابلاً للبناء عليه، لكنها "تحتاج إلى عمل إضافي" للحصول على ضمانات أفضل لأوكرانيا. وبين ضغط ميداني روسي، وتردد أوكراني، وتباين غربي حيال بعض البنود، تبدو جنيف أمام لحظة حاسمة قد تُمهّد لتسوية سياسية هي الأولى من نوعها، أو تُعيد الملف الأوكراني إلى دائرة صراع مفتوح قد يمتد لعام آخر وربما أكثر.