بدا ما حققته كل من تركيا والبرازيل انتصارا لسياسة الحياد الإيجابي وعدم الانحياز التي أرسى أسسها الراحلون جمال عبد الناصر وجواهر لال نهرو وجوزيف بروز تيتو في قمة التصعيد الأمريكي الروسي في ما عرف بأزمة الصواريخ التي نصبها الاتحاد السوفييتي السابق في كوبا والتي كادت تؤدي الى حرب بين العملاقين النوويين الكبيرين في تلك المرحلة. سعى الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا ورئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان الى التماثل بالثلاثة الكبار ،ونجحا في إبرام الاتفاق مع طهران لتبادل الوقود النووي المنخفض التخصيب بآخر عالي التخصيب،وهو أمنية طهران المعلنة لتزويد مفاعلها بالوقود لأغراض طبية. ورغم الأصوات الغربية التي تصاعدت بإبداء القلق والشك حيال الخطوة المستقبلية للعلاقة بين طهران من جهة والولايات المتحدة ممثلة للغرب من جهة ثانية،يبقى على إيران أن تستفيد من الإجماع العالمي الذي بارك الاتفاق،والعمل بموجب محتواه،لا أن تتراجع تحت ضغوط نفسية قد تمارسها الدعاية الغربية التي لا تريد للملف النووي الإيراني أن يطوى. ما أعلنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية لا يبشر بأن طهران تنحو باتجاه تجاهل الآخرين، فالإصرار على التخصيب بنسبة20% داخل إيران يزرع بذور الشك ليس لدى الغربيين فقط،وإنما لدى المقربين من طهران،وفي طليعتهم لولا وإردوغان.وإذا كان عبد الناصر ونهرو وتيتو قد نجحوا في نزع فتيل حرب كونية ثالثة كادت تنطلق من خليج الخنازير،فإن على قادة إيران أن يجانبوا الحرب التي لن تقتصر على بلادهم فقط وإنما ستمتد نارها لتغطي المنطقة بأسرها.