شدد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود الدكتور عبدالله بن حمد الدايل على أن فصيح العامة شأن قديم منذ أن نبه القدماء إلى فصيح العامة من أمثال المفضل بن سلمة بن عاصم، ونبه كثيرون من المحدثين إلى ما في العامية الدارجة من بقايا الفصاحة أمثال شفيق جبري - رحمه الله - في سلسلة مقالات كانت تحمل عنوان (بقايا الفصاح)، ونشرت في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق في ذلك الوقت، ومنهم محمد العبودي في كتابه معجم الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة أو ما فعلته القرون بالعربية في مهدها ويقع في 13 مجلداً، والدكتور محمد آل ملحم في كتابه الذي صدر عام 1415 تحت عنوان العامية الفصيحة في لهجة أهل الأحساء، إذ حصر تسع عشرة وثلاثمئة كلمة متداولة في الأحساء يحسبها غالبية الناس من اللهجة العامية غير أن أصلها كلمات فصيحة، وأيضاً في لبنان صدر معجم فصيح العامة لأحمد أبو سعد عام 1990. وذكر الدايل خلال محاضرته "اشتباك العامية بالفصحى" أول من أمس في نادي الرياض الأدبي عددا من الأمثلة التي تعد من فصيح العامة: (دندن، وطقطق، وخبص، ويهايط، وشال، وشاف، وراح، وحط، ويدري)، وغيرها من الكلمات. وذكر بأن هذه الألفاظ شائعة على ألسنة العامة وهي من فصيح كلامهم، لأن لها أصلاً في العربية كما في المعاجم اللغوية ووفق كلام العرب بخلاف قولهم في اسم الموصول (اللي) وهو اسم موصول مشترك عامي بحت. وأشار إلى أن من الفصيح العامي الإمالة، وهي ظاهرة صوتية تنحو بالفتحة نحو الكسرة بقولهم القيامة واللوامة وقد قرئ بها في القرآن الكريم أو أن تنحو بالألف نحو الياء مثل والضحى والليل إذا سجى. مبينا أن العامية تعد عند كثيرين الوجه الآخر للفصحى محرفا قليلاً أو كثيراً على ألسنة الناس، فالعامي من الكلام العربي بمفهومه الواسع ينسب إلى العامة، وهو كلام الناس أو أحاديثهم العادية، وفي كلامهم وأحاديثهم تحريف لألفاظ كانت من قبل عربية صحيحة فصيحة، وفي كلامهم كذلك الأصيل الذي لم يصبه تحريف ومنه الأجنبي الدخيل، مشيراً إلى أن فيه أخلاطاً كثيرة من أصول مختلفة مغايرة للفصحى وعناصر محرفة مستمدة من أصول غير معروفة. وألمح الدايل إلى أن في المعجمية الدلالية الكثير من الألفاظ العامية التي تحمل معاني الفصحى نفسها ويمكن ردها إلى أصلها العربي الفصيح. كما تطرق الدايل إلى تشابك العامية بالفصحى، مشيراً إلى أنه لا يقصد الصراع بين العامية والفصحى هنا، وإنما الالتقاء والتداخل بينهما في الاستعمال اللغوي، إذ يشيع كثير من الألفاظ على ألسنة العامة فيظن المتلقي أنها عامية وليست كذلك.