تعكس ميزانية السعودية للعام المالي 2026 استمرار النهج الاقتصادي المتسارع الذي تبنته المملكة خلال السنوات الخمس الماضية، وهو نمو لم يكن محض توسع اقتصادي فحسب، بل نتيجة مباشرة لارتفاع مستوى الحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد التي شكلت الإطار المؤسسي لهذا التحسن المالي. فمنذ عام 2021 وحتى 2026، شهدت الميزانية السعودية نمواً ملحوظاً في الإيرادات غير النفطية، وتطوراً واضحاً في ضبط المصروفات، إلى جانب انخفاض تدريجي في مستويات العجز المالي، وهو ما يبرهن على قوة السياسات الإصلاحية. وتُظهر أرقام الميزانية اعتماد نفقات تبلغ 1313 مليار ريال في 2026 مقابل 1336 مليار ريال في 2025، في حين ارتفعت الإيرادات من 1.091 مليار ريال إلى 1.147 مليار ريال في الفترة ذاتها. كما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 2.773 مليار ريال في 2016 إلى 3.599 مليارات ريال في 2025، بزيادة تقارب 30 %، وهو مؤشر على نضج الاقتصاد وقدرته على تحقيق نمو مستدام. ويتوافق هذا الأداء المالي مع التقدم الكبير الذي أحرزته المملكة في تعزيز الحوكمة، عبر رفع مستوى الانضباط المالي وتطبيق سياسات رقابية أكثر صرامة. وقد لعبت مبادرات مكافحة الفساد دوراً محورياً في هذا المسار؛ إذ أسهمت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في استعادة الأموال العامة، والسيطرة على الهدر، ومعالجة المخالفات، وتوجيه الموارد نحو المشاريع التنموية ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي. ولأن مكافحة الفساد تعزز الثقة المحلية والدولية، فقد أصبحت رافعة اقتصادية ذات تأثير مباشر على بيئة الأعمال والاستثمار، الأمر الذي دعم توسع قطاعات رئيسية مثل البنية التحتية، التعليم، الصحة، والتقنية. وبذلك تصبح ميزانية 2026 نموذجاً عملياً يؤكد أن النمو الاقتصادي في السعودية بات مدفوعاً بالحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، مما يضع الاقتصاد الوطني على مسار أكثر قوة واستدامة نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030.