وجدت إيران نفسها أمام مفترق طرق حاسم بعد أن أعادت الأممالمتحدة فرض العقوبات عليها بموجب آلية «العودة السريعة» (Snapback) المدرجة في الاتفاق النووي لعام 2015. وبينما تتصاعد الدعوات داخل إيران للتمسك بخيار المواجهة والرد بالمثل على الخطوات الغربية، تبرز أصوات أخرى تطالب بالعودة إلى طاولة المفاوضات لتخفيف الضغوط الاقتصادية المتزايدة على الشعب الإيراني. العقوبات وآثارها الاقتصادية ودخلت العقوبات الجديدة حيز التنفيذ، وتشمل تجميد الأصول الإيرانية في الخارج، وقف صفقات الأسلحة مع طهران، ومعاقبة أي تطوير لبرنامجها الصاروخي. وجاءت هذه الإجراءات نتيجة فشل محاولات دبلوماسية أخيرة بذلتها إيران بمساعدة الصين وروسيا لوقف تفعيل الآلية. وانعكست العقوبات سريعًا على الاقتصاد المحلي، حيث هبط الريال الإيراني إلى مستوى قياسي بلغ 1.1 مليون ريال مقابل الدولار، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة معاناة المواطنين. البرلمان الإيراني وندد البرلمان الإيراني بالعقوبات قبل أن يدخل في جلسة مغلقة لبحث الخيارات المتاحة. وطرح بعض النواب احتمال الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، وهو ما أثار مخاوف خبراء دوليين من أن تسلك إيران مسار كوريا الشمالية. وأوضح النائب إسماعيل كوثري، أن الانسحاب من المعاهدة لا يعني بالضرورة السعي لامتلاك قنبلة نووية، مشيرًا إلى أن مثل هذا القرار يتطلب موافقة المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي أكد في خطب سابقة رفضه تطوير سلاح نووي. كما حذر رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، من أن بلاده سترد بإجراءات متبادلة «خطيرة» إذا اتخذت أي دولة خطوات ضدها بناء على قرارات الأممالمتحدة، في إشارة واضحة إلى الدول الأوروبية الثلاث التي بادرت بتفعيل الآلية. التحذيرات العسكرية والهاجس الأمني وأصدر قادة الجيش الإيراني والحرس الثوري بيانات شددوا فيها على استعداد قواتهم لأي مواجهة محتملة، في وقت تخشى فيه الأوساط الشعبية من احتمال قيام إسرائيل بشن هجمات جديدة بعد إعادة فرض العقوبات. ومن جانبها، رحبت إسرائيل بالقرار الأممي، معتبرة أنه يهدف إلى منع إيران من امتلاك السلاح النووي، بينما أكدت فرنسا وألمانيا وبريطانيا أن قرارها جاء نتيجة رفض طهران السماح بعمليات تفتيش كاملة لمواقعها النووية وتخصيبها اليورانيوم إلى مستويات مرتفعة. وتحتفظ إيران بمخزون من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 %، وهو مستوى قريب من نسبة 90 % اللازمة لصنع أسلحة نووية. ورغم تأكيدها المتكرر أن برنامجها النووي لأغراض سلمية، يشير الغرب والوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى وجود أدلة على أن طهران كانت تدير برنامجًا منظمًا للأسلحة حتى عام 2003. الموقف الأمريكي والأوروبي وأشاد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بقرار الدول الأوروبية، مشيرًا إلى أن «الدبلوماسية لا تزال خيارًا مطروحًا»، لكنه شدد على ضرورة قبول طهران بالمحادثات المباشرة. أما الدول الأوروبية الثلاث، فأكدت أنها حاولت مرارًا تفادي إعادة فرض العقوبات، لكن رفض إيران التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتقديم تقارير عن مخزونها من اليورانيوم العالي التخصيب حال دون ذلك. الموقف الإيراني الرسمي من جهته، حاول وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي التقليل من شأن العقوبات، معتبرًا أن الإعلام الغربي ضخم آثارها لإجبار طهران على تقديم تنازلات. وقال إن بلاده ستتأثر إلى حد ما، لكن «الهدف من هذه الضغوط هو خلق صورة وهمية لإرهاب الشعب الإيراني». تأثير العقوبات على إيران: • الاقتصاد والنفط: انخفاض حاد في صادرات النفط، ما قلل من العائدات الحكومية وأثر على الموازنة. • التضخم والعملة: ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة الريال الإيراني بشكل كبير. • المعيشة الداخلية: زيادة أسعار السلع الأساسية والأدوية، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين. • القطاع الصناعي والتجاري: صعوبات في استيراد المواد الخام والتكنولوجيا بسبب القيود المصرفية واللوجستية. • النظام المصرفي: عزلة مالية نتيجة استبعاد إيران من النظام المالي العالمي، مثل «سويفت». • الاستثمارات الأجنبية: هروب الشركات الدولية وتوقف مشاريع مشتركة مهمة. • الضغط السياسي: استخدام العقوبات كأداة ضغط للتفاوض حول الملف النووي والسياسات الإقليمية.