في كل عام، يتجدد شعور الانتماء في وجدان السعوديين، فنقف بفخر واعتزاز أمام وطنٍ استطاع أن يحوّل التحديات إلى إنجازات، والطموحات إلى مشاريع واقعية تنبض بالحياة. لم تكن هذه المسيرة الاستثنائية نتاج المصادفة، بل ثمرة تخطيط واعٍ، وقيادة ملهمة، وإيمان عميق بأن المستقبل يُبنى بسواعد أبناء الوطن وعقولهم. واليوم، تتجلى ملامح هذا التحوّل تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – حيث يشهد الوطن نهضة شاملة تعيد تعريف مفاهيم التنمية، وتستند إلى رؤية طموحة تجعل من الابتكار والمعرفة والتمكين ركائز أساسية في مسيرة التقدّم. لم تعد السعودية تعوّل على الموارد وحدها، بل باتت تضع الإنسان في قلب المعادلة، وتراهن على العقول السعودية لصناعة واقع جديد، يليق بحجم الطموح، ويعكس مكانة الوطن بين الأمم. في اليوم الوطني من كل عام، نقف نحن السعوديين بفخر واعتزاز، مستذكرين مسيرة وطن استطاع أن يوحّد الأرض، ويصنع المجد، ويضع لنفسه مكانًا متقدّمًا بين الأمم. لم يكن بناء الدولة السعودية الحديثة مجرد تحوّل سياسي، بل مشروع وطني شامل أسّس لمسيرة من العطاء والريادة، قادها ملوك عظماء، ووصلت اليوم إلى مرحلة جديدة من التحول التاريخي في عهد خادم الحرمين الشريفين وولي العهد – حفظهما الله – حيث تعيش المملكة لحظة مفصلية، تُعيد فيها تشكيل الحاضر والمستقبل على أسس راسخة من الابتكار والتطوير والتنمية المستدامة. ومنذ إطلاقها في عام 2016، شكلت رؤية 2030 منعطفًا حاسمًا في مسيرة المملكة، واضعةً الأسس لبناء اقتصاد متنوع ومستدام يعتمد على المعرفة والتكنولوجيا والابتكار. لم تعد السعودية تعتمد فقط على مواردها الطبيعية، بل أصبحت تسابق الزمن لتكون مركزًا عالميًا للعلوم والتقنيات المتقدمة. تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – تحولت هذه الرؤية من مجرد خطط طموحة إلى واقع ملموس، تدعمه مشاريع ضخمة تعزز مكانة المملكة كمحرك رئيسي في الاقتصاد العالمي الجديد. لم يكن تحقيق هذه الرؤية ممكنًا دون الاستثمار في العقول السعودية، فالمملكة تؤمن أن بناء المستقبل يبدأ بتمكين الشباب، وتعزيز الابتكار، واستقطاب أحدث التقنيات. اليوم، نشهد مبادرات بحثية ومشاريع تكنولوجية عملاقة تهدف إلى جعل المملكة دولةً رائدةً في الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمّية، وغيرها من التقنيات المتقدمة. وانطلاقًا من هذا النهج الطموح، أطلقت المملكة خلال هذا العام سلسلة من المبادرات البحثية والابتكارية التي تعكس توجهها نحو اقتصاد المستقبل، ومن أبرزها التعاون مع المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية لدعم الباحثين السعوديين في مجالات فيزياء الطاقة العالية والتقنيات المتطورة. هذه الشراكة تعكس التزام المملكة بأن تكون جزءًا من حركة التقدم العلمي العالمي، وأن تسهم بفعالية في الأبحاث التي سترسم ملامح التكنولوجيا المستقبلية. وتأكيدًا لالتزام المملكة بتطوير التقنيات المتقدمة، تم إعلان ثلاث مهام وطنية إستراتيجية تهدف إلى جعل المملكة من الدول الرائدة في المجالات التكنولوجية المتقدمة. أولًا، تطوير ذكاء اصطناعي عام ومتوائم وموثوق، وقادر على التعلم والتكيف مع مختلف السياقات، لخدمة البشرية في المجالات العلمية والصناعية والطبية، مما يضع المملكة في طليعة الدول المطورة لأنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة. ثانيًا، بناء حاسوب كمي قابل للتوسع ومتحمل للأخطاء، الذي سيكون من بين أقوى الحواسيب على مستوى العالم، ليسهم في تسريع الاكتشافات العلمية، وتعزيز الأمن السيبراني، وتحسين النماذج التنبؤية في مختلف القطاعات. ثالثًا، إنشاء خمس مدن معرفية متكاملة، لا تهدف فقط إلى توفير بيئات حضرية متطورة، بل إلى بناء مجتمعات قائمة على الابتكار، تحتضن المبدعين والمطورين، وتكون مراكز بحثية تقدم حلولًا تقنية متقدمة تدعم الاقتصاد المحلي والعالمي. وفي إطار توجه المملكة نحو تحقيق الاكتفاء التقني والتصنيعي، تم إعلان التحالف الوطني لتطوير وتصنيع أول مركبة لوجستية ذاتية القيادة في المملكة، مما يمثل نقلة نوعية في قطاع النقل واللوجستيات. هذه المبادرة تأتي استجابة للنمو المتسارع في قطاع المركبات الذاتية التحكم، الذي يعد أحد أبرز القطاعات الاقتصادية الواعدة عالميًا. وبفضل هذا المشروع، لن تكون المملكة مجرد مستهلك لهذه التقنيات، بل ستكون من الدول الرائدة في تطويرها وتصنيعها، مما يعزز قدرتها التنافسية عالميًا، ويؤكد دورها كمركز صناعي متطور. هذه المبادرات ليست سوى جزء من التحول الجذري الذي تشهده المملكة، حيث لم تعد مجرد مستوردة للتقنيات، بل أصبحت دولة تصنع وتبتكر، وتصدر حلولها الخاصة. ومع توسع مشاريع الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمّية، والمدن الذكية، وتقنيات النقل المستقبلية، فإن السعودية تضع نفسها في قلب الثورة التكنولوجية القادمة، وتؤسس لمستقبل تقوده العقول السعودية المبدعة. في هذا اليوم الوطني، تتجدد مشاعر الامتنان لوطنٍ يمضي بثقة نحو المستقبل، مستندًا إلى إرث راسخ وقيادة تؤمن بأن التنمية الحقيقية تبدأ من الإنسان وتنتهي إليه. وبقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – تواصل المملكة مسيرتها الطموحة نحو الغد، مستندة إلى رؤية واضحة، وأسس متينة، وعقول وطنية قادرة على صناعة الفرق. نسأل الله أن يديم على وطننا أمنه واستقراره، ويبارك في من يقود مسيرته ويصون وحدته. دامت السعودية العظيمة شامخة.