في خطوة تصعيدية غير مسبوقة، صوّت البرلمان الإيراني على قرار يقضي بإغلاق مضيق هرمز، الممر البحري الإستراتيجي الذي تمرّ عبره قرابة 20 % من إمدادات النفط العالمية اليومية، وسط تصاعد التوترات الإقليمية إثر الضربات الأمريكية المباشرة على منشآت نووية إيرانية. والقرار لا يزال في انتظار المصادقة النهائية من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، والذي يُتوقع أن يصدر موقفه الرسمي خلال الساعات القادمة، بحسب ما نقلته قناة «برس تي في» الرسمية. الضربات الأمريكية وقال اللواء إيميل كوساري، القيادي في الحرس الثوري الإيراني، إن «الرد الإيراني الكبير سيأتي في اللحظة التي تراها طهران مناسبة»، مشيرًا إلى أن طهران لا تعتبر نفسها ملزمة بضبط النفس بعد الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت منشأة فوردو النووية وموقعين آخرين، باستخدام قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU-57. تهديد مباشر ويمثّل مضيق هرمز نقطة اختناق بحرية بالغة الحساسية، إذ لا يتجاوز عرضه 20 ميلا في أضيق مناطقه، بينما تقلص الممرات الملاحية الفعلية فيه إلى أقل من ميلين في كل اتجاه، ما يجعله شديد الهشاشة أمام أي عمليات استهداف، سواء بالصواريخ الساحلية أو الألغام أو القوارب السريعة. وفي حال تنفيذ قرار الإغلاق فعليًا، فإن تأثيره المباشر سيُترجم في تعطيل شحنات نفطية تقدر بمليار دولار يوميًا، ما ينذر بارتفاع حاد في أسعار النفط على مستوى العالم، ويهدد الأمن الاقتصادي لعدد من الدول. خلفية التصعيد والتصعيد في مضيق هرمز يأتي بعد ساعات من غارات أمريكية كثيفة استهدفت منشآت نووية محصنة تحت الأرض في إيران، في عملية وُصفت بأنها الأكبر منذ بدء النزاع النووي، وأعقبت هجمات إسرائيلية واسعة على البنية التحتية العسكرية الإيرانية. وتُظهر صور الأقمار الاصطناعية تدميرًا شبه كامل للجبال التي كانت تحمي منشأة فوردو، ما يمثل تحولًا كبيرًا في سياسة الردع الأمريكية. وتُعد هذه أول مرة تُستخدم فيها قنابل خارقة للتحصينات في هجوم مباشر، وسط تحذيرات أممية من «خطورة النهج الأمريكي»، وفق ما صرّح به وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. سوابق التهديد الملاحي ولا تعد هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها إيران ورقة الملاحة كورقة ضغط؛ ففي أبريل 2024، احتجزت طهران سفينة حاويات مرتبطة بإسرائيل، متهمة إياها بخرق القوانين البحرية، وفي العام 2023 احتجزت ناقلة نفط كانت متجهة للولايات المتحدة، في حين سبق لها احتجاز ناقلتين يونانيتين في مايو 2022 ردًا على مصادرة شحنات نفط إيرانية. تبعات القرار ومن المرجح أن يتحمل الاقتصاد الآسيوي العبء الأكبر من أي إغلاق محتمل للمضيق، في ظل اعتماد الصين والهند بشكل مباشر على نفط الخليج. ومن المفارقات أن خطوة الإغلاق، رغم تهديدها للخصوم، قد ترتد سلبًا على الاقتصاد الإيراني نفسه، خصوصًا في ظل العقوبات وتراجع صادرات النفط الرسمية. وتخشى الأسواق العالمية من أن يقود إغلاق المضيق إلى صدام عسكري واسع، يعيد رسم خريطة النفوذ في المنطقة، ويغلق فعليًا واحدًا من أهم شرايين الطاقة العالمية. وبينما تواصل الولاياتالمتحدة حشد موقف دولي داعم لعملياتها، تجد طهران نفسها في مواجهة خيارين أحلاهما مُر: التصعيد بمخاطر اقتصادية باهظة، أو التراجع في معادلة بدأت تتغير عسكريًا.