فرنسا ترفع درجة اليقظة إلى اللون البرتقالي في 53 مدينة    القبض على شخص بمحافظة بحرة لترويجه مواد مخدرة    فرنسا تحظر التدخين في الحدائق والشواطئ وقرب المدارس    جيسوس يوافق على تدريب النصر.. ويضع خطة مع رونالدو    حضور عالمي مثمر للأحساء في مؤتمر اليونسكو للمدن المبدعة    (35) لاعبًا ولاعبة يمثلون السعودية في بطولة آسيا للتايكوندو بماليزيا    رئيس البرلمان العربي: نتطلع لبداية جديدة لإطلاق مبادرات بنَّاءة ومواقف موحدة في التعامل مع التحديات الراهنة    فندق أنانتارا باليه هانسن فيينا يستقبل زواره بأكلات عربية وخدمات خاصة للسيدات    استشهاد 615 رياضيًا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة    رينارد: المكسيك ليست سهلة    "الغروي" مديرًا لإدارة جودة الخدمات بتعليم جازان    مشروع "واجهة زان البحرية".. يعزز القطاع السياحي والترفيهي والاستثماري بجازان        أمانة منطقة جازان تحقق المركز الثاني على مستوى أمانات المملكة في مؤشر الارتباط الوظيفي    أسواق الطيور تجربة سياحية رائعة لعشاق الحيوانات الأليفة في جازان    تكليف الدكتور مشعل الجريبي مديرًا لمستشفى الملك فهد المركزي بجازان    الأرصاد: استمرار الحرارة والغبار.. وأمطار رعدية متوقعة جنوب المملكة    المركزي الروسي يخفض سعر صرف الروبل مقابل العملات الرئيسة    نيوم يعلق على تقارير مفاوضاته لضم إمام عاشور ووسام أبو علي    موقف ميتروفيتش من مواجهة مانشستر سيتي    لجنة كرة القدم المُصغَّرة بمنطقة جازان تقيم حفل انطلاق برامجها    «سلمان للإغاثة» يوزّع (3,000) كرتون من التمر في مديرية القاهرة بتعز    فعاليات ( لمة فرح 2 ) من البركة الخيرية تحتفي بالناجحين    رئيسة الحكومة ووزير الصحة بتونس يستقبلان الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية    ليلة حماسية من الرياض: نزالات "سماك داون" تشعل الأجواء بحضور جماهيري كبير    عقبة المحمدية تستضيف الجولة الأولى من بطولة السعودية تويوتا صعود الهضبة    دراسة: الصوم قبل الجراحة عديم الفائدة    أمير الشرقية يقدم التعازي لأسرة البسام    نجاح أول عملية باستخدام تقنية الارتجاع الهيدروستاتيكي لطفل بتبوك    الشيخ صالح بن حميد: النعم تُحفظ بالشكر وتضيع بالجحود    إمام وخطيب المسجد النبوي: تقوى الله أعظم زاد، وشهر المحرم موسم عظيم للعبادة    بلدية فرسان تكرم الاعلامي "الحُمق"    رئاسة الشؤون الدينية تُطلق خطة موسم العمرة لعام 1447ه    في إلهامات الرؤية الوطنية    استمتع بالطبيعة.. وتقيد بالشروط    أخلاقيات متجذرة    د. علي الدّفاع.. عبقري الرياضيات    نائب أمير جازان يستقبل رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة    الأمير تركي الفيصل : عام جديد    البدء بتطبيق نظام التأمينات الاجتماعية على اللاعبين والمدربين السعوديين ابتداءً من 1 يوليو    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي، ويناقش تحسين الخدمات والمشاريع التنموية    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان يشارك في افتتاح المؤتمر العلمي الثاني    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    لوحات تستلهم جمال الطبيعة الصينية لفنان صيني بمعرض بالرياض واميرات سعوديات يثنين    تخريج أول دفعة من "برنامج التصحيح اللغوي"    أسرة الزواوي تستقبل التعازي في فقيدتهم مريم    الإطاحة ب15 مخالفاً لتهريبهم مخدرات    غروسي: عودة المفتشين لمنشآت إيران النووية ضرورية    وزير الداخلية يعزي الشريف في وفاة والدته    تحسن أسعار النفط والذهب    الخارجية الإيرانية: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة    تصاعد المعارك بين الجيش و«الدعم».. السودان.. مناطق إستراتيجية تتحول لبؤر اشتباك    حامد مطاوع..رئيس تحرير الندوة في عصرها الذهبي..    استشاري: المورينجا لا تعالج الضغط ولا الكوليسترول    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمنطقة والمدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الشمالي    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور علي بن محمد عطيف    أقوى كاميرا تكتشف الكون    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعرف.. ومن حقي أن أستعير: «مناع» قمة «أخرى» عُرفت ولم تُكتشف
نشر في الشرق يوم 03 - 03 - 2012

هناك بعض الأصدقاء تصعب الكتابة عنه، أو أن الكتابة عنه محرجة – إلى حد ما – لأنك يصعب عليك الفصل بينه وبين نفسك، ولهذا تختلط عليك الأمور وتتداخل إلى أن تجد أن حديثك عنه هو حديث عن النفس، وذلك لشدة التصاقه بالروح والقلب، ومن أبرز هؤلاء الأصدقاء الحميمين جداً: عبدالله مناع، الذي أزعم أنه توأم روحي إنسانياً على الرغم من البون الشاسع بينه وبيني سناً ومقاماً وفكراً وثقافة ومكانة، فهو أكبر وأعمق وأجمل وأوسع علماً وأعظم قدرة على التأمل والتحليل، وأنبل تعاملاً وأرقى ثقافة وسلوكاً.
مساء الأحد الماضي دشن المناع كتابه الجديد «تاريخ ما لم يؤرخ.. جدة الإنسان والمكان» وسط حضور كثيف من الجنسين لا أعرف أن توقيع كتاب شهد مثله في المملكة – على الأقل – فهذه أول مرة أشهد حضوراً بهذا الحجم في مناسبة كهذه، وعند وصول الدكتور مناع قلت له: فرصة طيبة أن أتعرف عليك هذا المساء، فرد مستنكراً: كيف تتعرف علي، وضحكنا، لكن الواقع أنني تعرفت على جانب جديد في المناع أهم من حب الناس له، ألا وهو شغفهم بقراءة كلماته، وهذه أهم وأبقى لا شك.
أبرز ما يميز شخصية عبدالله مناع صفة أو سمة «الصدق» فهو – وأقولها عن معرفة وتجربة – صادق مع ربه ونفسه وأهله والآخرين، وهو صدق أفقده أصدقاء وأقرباء وفرصا ومكانات، ومع أن الصدق من أعظم صفات المؤمنين «المؤمن لا يكذب» فإنه – مع الأسف الشديد – أصبح عملة نادرة في عصرنا، ولا أعتقد – عن علم – أن المناع نفسه يتعمد إبراز هذه الصفة فيه، بل أستطيع أن أزعم أنه لا يعرفها عن نفسه، فهو يمارسها كسجية أصيلة طبيعية في ذاته، يمارسها مع أبنائه وبناته وأقاربه وأصدقائه وقلمه ورأيه وسلوكه، فهو من النادرين – جداً – الذين لا يملكون إلاّ شخصية واحدة.
بينه وبيني اتفاق واسع في قضايا فكرية وثقافية واجتماعية وسلوكية، وبيننا ما صنع الحداد في قضايا أخرى، وبطبيعة الحال والمقام هي كلها قضايا بين الأستاذ والتلميذ، لكن حدة الاختلاف في بعضها تتصاعد للدرجة التي يضطر معها الأستاذ أحياناً أن ينصح التلميذ بحنو أن يقرأ المزيد، ويتعلم أكثر، ويتأمل أعمق، أملا في أن تنسجم قناعة التلميذ مع قناعة أستاذه الذي يصعب – إن لم يكن يستحيل – أن يتنازل عنها أو يتراجع حتى – كما أشعر وأعرف – لو خسر تلميذه إلى الأبد.
عبدالله مناع حالة فريدة، يتعب تعباً مريراً مع الكلمة التي يكتبها، وكل الصحف وكل المطابع التي تعاملت معه كاتباً لمقال، أو مؤلفاً لكتاب يعرفون كم يتوقف عند الكلمة والجملة، وكم يجادل ويناضل في سبيل الإقناع بها وإقرارها. عذابات المناع مع حسه الإنساني الشفيف المرهف لا تنتهي، ولكن بذات الصدق المعروف فيه، فهو يرى أن حياة البذخ والترف «دلع» يفسد الناس، لكن حياة الكفاف عند المناع تعني معيشة أسرة فرنسية متوسطة الدخل باذخة الوعي، شديدة الاحتفاء ب»الإتيكيت»، ولهذا لا يحزنه الفقير الذي لا يجد ما يأكل فحسب، فهذا يستدعي نحيب المناع، ولكن يحزنه من لا يجد مسكناً نظيفاً، وملبساً أنيقاً، ومركباً معقولاً، وبيئة مشجرة، وحديقة تتنفس فيها الأسر عبير اللقاء والحديث، ومسرحاً، وسينما، وحرية رأي مؤدب، واختيار رشيد.
قلت له – مازحاً – ذات مرة: أنت تصلح وزيراً للمالية، فقال وهو يشعل غليونه الأثير منتشياً: لماذا يا أبا السخرية، قلت: لأنك تطبق جوهر تعاليم ديننا العظيم في الإنفاق، حيث قال تعالى في سورة الفرقان «والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً» فصمت يتأمل ثم قال: نعم.. نعم.. ليتنا مسلمون حقاً.
لم أحدثكم عن مؤلفات عبدالله مناع من الموسيقى إلى الأدب إلى التاريخ إلى الفكر إلى جدة التي أسرته وأوجعته وأفرحته ومازالت للدرجة التي قال لي فيها مرة: أي كتابة تشوه جداراً في جدة أشعر أنها على ثوبي ووجهي.
لم أحدثكم لأن هناك من هو أقدر مني وأثرى، وإن فعلت ذلك في قادم الأيام فلأن فكر المناع المغري لكثيرين لابد أن يستفز – قطعاً – أصدقاءه وتلاميذه الذين عرفوه، كما عرف أمل دنقل صديقه يحيى الطاهر عبدالله:
حفظ الحب والأصدقاء تصاويره
وهو يضحك
وهو يفكر
وهو يفتش عما يقيم الأود
كان المناع وسيبقى ظاهرة جديرة بالقراءة والتأمل، ومع أن الوصف مسبوق ومعروف فإنني أقول بدون تردد: إن المناع قمة «أخرى» عُرفت ولم تُكتشف. وأظن أن من حقي أن أستعير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.