دعك من الزرقاوي.. جُرح، فَرّ، قُتل، فهو ليس كل حجم ظاهرة العنف في العراق.. لكل طرف هناك وضعه الذي يحدد رؤيته فيه.. الأمريكيون يرفضون تعبير «الاحتلال» ويفضلون التحالف لأنهم حسب وضعهم بعد تعدد المشاكل أصبحوا يجدون أنه من غير المنطقي الخروج بدون حل للعراق وليس لهم.. الحكومة القائمة حالياً هي أفضل دون شك من وضع صدام لكنها فشلت في تمثيل الأكثرية.. لكن وجود حكومة ضرورة يمليها تصاعد العنف.. الشيعة والأكراد يجزمون - وهذا صحيح - أنهم عاشوا سنين طويلة من التهميش، وعندما لا يطلبون استبعاد غيرهم فهم أيضاً لا يريدون الانسحاب الطوعي لأي طرف آخر.. يحضن العراق أجنة صراع طائفي وعرقي سوف يلهب مرحلة ما بعد ما يحدث.. سمه مقاومة أو إرهاباً.. لكن ما حقيقة الأحداث هناك؟.. دعك أيضاً من أعداد الانتحاريين المتوفرة في مثل تعدد الفرق الرياضية وتنوع أماكنهم وأساليب الأداء.. إنما عليك أن تتساءل: كيف توفر هذا الكم الكبير من السيارات المفخخة؟.. فهل الزرقاوي أتى العراق بمواكب من سيارات التفخيخ؟.. طبعاً هذا غير صحيح.. وهل من يتسربون إلى داخل حدود العراق يأتون أيضاً بسيارات جاهزة للمهمات الانتحارية؟.. أيضاً هذا غير صحيح.. إذاً هناك توفير محلي سواء تعلق الأمر بالبشر أو بالسيارات.. لقد ضُخّمت شخصية الزرقاوي بينما الواقع ينبئ بوجود مَنْ هو أكثر شراسة من الزرقاوي.. إذاً يتبادر أمامنا سؤال: هل تم القبض على صدام حسين وتقويض حكومته بواسطة حسم عسكري..؟ هذا أيضاً سؤال لا يخلو من سذاجة.. أعتقد أن عناد صدام قبيل الحرب لم يكن اعتباطاً ولكنه كان يجهز لحرب بعيدة المدى وتكلف أمريكا الشيء الكثير.. أراد أن يكون «هوشي منّه» العرب ولكنه افتقد وجود الجنرال «جياب» وأمثاله ممن اندمجوا في حرب شاملة ومقاومة عامة.. أشك أن صدام قد خُذل بواسطة أقرب الناس إليه من العسكريين.. لأنه من غير المعقول أن تكون شراسة المواجهة العسكرية في المدن الصغيرة أطول أمداً مما كانت عليه المواجهة في بغداد ولو توفر لصدام حسين مقاومة عسكرية متنقلة خصوصاً وأن العراق لا تنقصه الآليات العسكرية ولا أعداد الآلاف المدربين.. ولكنه خذل في قمة ترتيب المواجهة ولم يبق له إلا ما رتّبه سلفاً بواسطة فروع البعث والاستخبارات من مخابئ تتناوب المواجهة وهي مهيأة سلفاً بالإمكانيات وأهمها السلاح.. أضف إلى ذلك أن المواجهة قد أتت في ظرف من السهل فيه اكتساب تعاطف الإسلاميين الجهاديين واستفحال مخاطر تنظيم القاعدة وهما رافدان أضافا مزيداً من العنف لما سبق أن رتبه صدام حسين..