مهما أسهب منظرو الإدارة في شرح وتوضيح شروط وصفات المدير الناجح فلن يستطيعوا مجاراة البيان القرآني المعجز: «إن خير من استأجرت القوي الأمين» سورة القصص الآية 26. وهذا العنصر الثمين من المديرين والعاملين نادر في كل العصور، حتى ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه رفع يديه إلى ربه - حين كان أميراً للمؤمنين - وقال: «اللهم إني أشكو إليك فجور القوي وضعف الأمين». ولا يعني هذا بالطبع التعميم، ولكن الغالب على البشر هو ندرة توافر (القوة والأمانة) معا، فإذا وجدا فقليل ممن يتصف بهما يقبل ان يعمل أجيراً، فهو ينشئ له عملاً خاصاً حسب رأي (ابن خلدون) في مقدمته.. ورغم كل هذا كله فإنه يوجد - بفضل الله - من يتصفون بالقوة والأمانة ويعملون مديرين أو موظفين أداءً للواجب العام، وتحقيقاً للذات، وعشقاً للاصلاح. والقوة تشمل العلم بدقائق العمل الذي يزاوله الإنسان، مع توافر صفات القيادة والجاذبية والقوة في شخصيته، فهو يشيع الايجابية ويبعث الحماسة في كل أو جل العاملين حوله، وهم يحترمونه ويحبونه لأنه عادل عالم وأمين.. وقُدِّمت صفة (القوة) على الأمانة في محكم التنزيل، لأن الأمين (على أهمية هذه الصفة وضرورتها) إذا كان ضعيفاً فإن بعض الذين يعملون معه يستغلون ضعفه (من معاني الضعف الجهل بطبيعة العمل وتصرفات الموظفين) فقد يخونون الأمانة وهو لا يدري.. ما أشد حاجة الدوائر الحكومية عامة، والشركات المساهمة الخاصة، لاختيار الأقوياء الأمناء ليقل الفساد إلى آخر حد ممكن، ويسود العدل والصدق ويتضاعف الإنتاج ونحقق التنمية المستدامة وبناء الإنسان.